تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

كان ورد في بعض كتب التفسير أنها سميت بسورة (ألر تلك آيات الكتاب المبين) لكن لا يظهر لي أن هذا الإسم مقصود. هذه السورة العظيمة سميت بإسم يوسف لأنه ليس فيها إلا قصة يوسف وهذه من أغرب سور القرآن الطويلة من حيث أنها جاءت بقصة واحدة متكاملة الأطراف ابتدأت من أولها وانتهت بآخرها مع بعض التعقيبات في ثنايا تلك الآيات وتعقيبات في الأخير كأنها خلاصة لما تم في هذه السورة. هذه السورة تتميز بأنها حكت قصة نبي لم تحكه في موطن آخر ولعل الحكمة في ذلك تكون ظاهرة وهي أن القرآن أريد منه التحدي وقد يقال كل القصص التي وردت في القرآن مختصرة ومفرقة وتأخذ مشهداً واحداً من مشاهد الشخصية المعنية كموسى أو عيسى أو لوط أو إبراهيم أو حتى الذين لم تتكرر أسماؤهم مثل ذي القرنين ويأجوج ومأجوج فأريد أن يقال إن القرآن بليغ ومعجز حتى عندما يورد القصة بشكل كامل وموسع. ثم أريد بها التحدي من وجه آخر والعرب لم يكن لهم عهد كبير بالقصص المطولة ولذلك كانوا يستوردونها استيراداً من بلاد فارس وتاريخ الهند وغيرهم فكان النضر بن الحارث يذهب إلى تلك البلاد ويسمع من أقاصيصهم ويحدّث أهل مكة فلما نزل القرآن على محمد صلى الله عليه وسلم كان يقول مستنقصاً ما جاءه به النبي صلى الله عليه وسلم: تعالوا إلي أحدثكم بما عندي فعندي من قصص فارس ما أتحدى به محمداً فأنزل الله عز وجل هذه القصة التي بهرت العرب, والسورة نزلت في مكة ولا يمكن أن يقرأ أحد هذه السورة فيشك أنها نزلت في غير مكة

هل هناك تحديد لوقت نزولها

د. الخضيري: يذكر بعض المفسرين أنها نزلت بعد عام الحزن على النبي صلى الله عليه وسلم وهذا يظهر من معناها العام في التسلية وفي التفاؤل وفي ذكر الصبر للصابرين فالنبي صلى الله عليه وسلم أصيب بفقد هاتين الشخصيتين عمه أبو طالب ورزوجته خديجة وكانا سنداً كبيراً له عليه الصلاة والسلام كبيراً وكانا من داخل البيت النبوي هذا عمه الذي آل على نفسه أن ينصر محمداً صلى الله عليه وسلم بكل ما أوتي وهذه زوجه التي لا نستطيع أن نقول فيها شيء أكثر من أنها هي راعية الدعوة الأولى، تصور في أول موقف من مواقف الدعوة تقول كلا والله لا يخزيك الله أبداً إنك لتحمل الكَلّ وتغيث الملهوف وتقري الضيف وتعين على نوائب الدهر، من أين يأتي هذا المعنى من امرأة ترى زوجها الرجل القوي الذي يضرب به المثل في الرجولة يرتجف من شدة ما رأى من الهول؟! فتطمئنه وترتبت على كتفه إذا كان هذا موقف في أول يوم من أيام الدعوة رضي الله عنها فما بالك بعد ذلك؟!

عمود السورة وموضوعها الأساسي:

د. الخضيري: أرى كثيرون يقولون موضوع السورة قصة يوسف وأقول لكن لا يمكن أن تكون القصة هي الموضوع وإنما هي المركب، هي القالب الذي عبر به عن المضمون، عبر بقالب قصصي واختيرت قصة يوسف كقالب، ما الدليل على هذا؟ (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111)) إذن سيقت القصة لأجل العبرة فلا يمكن أن يقال إن موضوع هذه السورة قصة يوسف، لا، هذه هي الألفاظ التي أجريت من خلالها المضامين. ما هو المضمون؟ وجدت من المفسرين أو من المعاصرين من قال أن مضمون هذه السورة هو التوحيد وهذا بلا شك واضح في السورة في أولها وفي آخرها وفي وسطها انظر إلى يوسف عليه السلام عندما جاءه الفتيان يسألانه عن تعبير منامهما قال لهما وهما يشيد بما أتاه الله سبحانه وتعالى (قَالَ لاَ يَأْتِيكُمَا طَعَامٌ تُرْزَقَانِهِ إِلاَّ نَبَّأْتُكُمَا بِتَأْوِيلِهِ قَبْلَ أَن يَأْتِيكُمَا ذَلِكُمَا مِمَّا عَلَّمَنِي رَبِّي إِنِّي تَرَكْتُ مِلَّةَ قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَهُم بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ (37) وَاتَّبَعْتُ مِلَّةَ آبَآئِي إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ مَا كَانَ لَنَا أَن نُّشْرِكَ بِاللّهِ مِن شَيْءٍ ذَلِكَ مِن فَضْلِ اللّهِ عَلَيْنَا وَعَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَشْكُرُونَ (38) يَا صَاحِبَيِ السِّجْنِ أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (39) مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير