تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. الخضيري: إذا كان الأب قد زاد في هذا الميل ووضح منه في تصرفاته ومعاملاته فقد يلام بمعنى أنه يعطي هذا ويمنع ذاك، ولذلك النبي صلى الله عليه وسلم لما جاء والد النعمان بن بشير يريد أن يعطي النعمان عطية لم يعطها سائر إخوانه وكانت أمه طلبت أن تُشهد النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أكل ولد أعطيتهم مثله؟ قال لا يا رسول الله، قال أشهِد على هذا غيري إني لا أشهد على جور. وبيّن له أنه كما أنه يريد منهم أن يكونوا في البرّ سواء فعليه أن يكون لهم في العطيات وجميع الأشياء الظاهرة سواء أما الميل القلبي فلا يلام الإنسان عليه ولا عتب فيه

د. عبد الرحمن: هذا مكان القدوة يعقوب عليه السلام ويوسف ويقع هذا فمن باب أولى عامة الناس.

د. عبد الرحمن: مسألة أخرى لا نريد أن نفوتها في سورة يوسف قضية الأعراض وصيانة الأعراض والموقف الذي وقع يوسف عليه السلام وزوجة عزيز مصر الذي كان يعمل عنده، هل يمكن الحديث عن هذه النقطة؟

د. الخضيري: من ينظر إلى ما آل إليه الأمر، بداية الفتنة الحقيقية ليس في البلاء الأول لأن البلاء الأول ما ليوسف إلا أن يصبر عليه يعني الجُبّ والبيع والقطيعة. البلاء الثاني والفتنة الثانية فتنة السرّأء هو مثل الخادم يعمل في قصر العزيز ومغريات الدنيا وفتنها بين يديه وتزداد عندما تكون سيدة ذلك القصر بدأت تنظر إليه نظرة إعجاب وتشوق وحب ومودة كاملة ثم تهيأ الأسباب لكي تتمكن هي من هذا الشاب، هنا تكون الفتنة قد استوت وصارت أكمل ما تكون ولا يصبر في هذا الميدان إلا من عصمه الله سبحانه وتعالى ومنهم يوسف. ومن أعظم أسباب عصمته إخلاصه لله عز وجل لأن الله عز وجل ذكر ذلك في مقام سبب من أسباب العصمة من البلاء وإلا يوسف بشر يقع منه ما يقع من البشر ولذلك لما قال الله عز وجل (وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)) الذي عليه عامة السلف أن الهمّ الذي وقع من يوسف هو الهمّ بالمرأة لكنه همّ الخاطر الذي يقع من كل إنسان بمقتضى الجبلة والطبيعة وإذا فهمنا هذه القضية بهذه الصورة عرفنا أن يوسف في هذا الأمر كان قدوة يصلح أن يكون قدوة لنا أما لو كان لا يفكر اصلاً في النساء ولا تمر به هذه الهموم ولا يحصل منه هذا الأمر إذن هو ليس من البشر من هذا الجانب وليس مكان للقدوة ولا يصح أن يقال (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ (111)) فنحن نقول بل هو عبرة والهمّ الذي جاء منه هو همّ يقع من بني الإنسان لكنه خاطر لم يصل إلى حد العزيمة التي وصلت إليها امرأة العزيز. القصة فيها عبرة وهي أننا لا نتساهل في إدخال الغرباء على نسائنا لأن المرأة مهما كانت عاقلة وذات دين إلا أنها تذوب أمام الجمال والشباب والحيوية وقد تضعف ضعفاً كاملاً خصوصاً إذا أطلق الحبل على غاربه فهنا لا تملك المرأة ويأتي الشيطان وهذه الصورة الجميلة الفاتنة ويوسف كما نعلم أعطي نصف الحسن نصف ما في الدنيا من الحسن موجود في صورة يوسف تصور امرأة لا دين وشابة وزوجها ضعيف الغيرة وقصر وخلوة ومتمكنة وسيدة مع شاب غريب، ماذا ينتظر؟! وغلّقت الأبواب (وَرَاوَدَتْهُ الَّتِي هُوَ فِي بَيْتِهَا عَن نَّفْسِهِ وَغَلَّقَتِ الأَبْوَابَ وَقَالَتْ هَيْتَ لَكَ (23)) هنا يأتي ثمرة الإخلاص والعبودية لله عز وجل، العصمة في هذا من أعظم مواطن الفتنة (كَذَلِكَ لِنَصْرِفَ عَنْهُ السُّوءَ وَالْفَحْشَاء إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُخْلَصِينَ (24)) وفي قرآءة (المخلِصين) ولذلك نقول أخلِص لربك في عبادتك واجتهد في الطاعات السرية الطاعات القلبية يعصمك من الفتن فهذه من أعظم العِبَر في هذا الميدان. العجيب في قصة هذه المرأة أنها بعدما تقدمت خطوات في العدوان على يوسف عليه السلام وذهبت تلاحقه لكي تتمكن منه لا ليتمكن هو منها يحدث ما لم يكن بحسبان كل منهما (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ (25)) هنا انقلبت هذه المرأة، (سيدها) زوجها وسماه (سيد) لأن له السيادة وهذا في تاريخ الأمم قبل الإسلام وسيظل ذلك إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها وإن أرادوا أن يقولوا سيداتي سادتي! هذه المرأة قلبت ظهر المجنّ على يوسف

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير