تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

لكن نقف عند المثلين المائي والناري قال (كَذَلِكَ يَضْرِبُ اللّهُ الأَمْثَالَ (17)) الأمثال رائعة ومهمة جداً للناس في تبيين الحقائق وفي تقريب الشياء المعنوية ماثلة أمام الناس كأنها اشياء مادية محسوسة وبهذا نعرف أن المعاني والمباني في النهاية تتلاقى ويمكن أن ننتفع منها في تقرير الحقيقة التي يريد الرب سبحانه وتعالى تقريرها. وأنا أوصي المشاهدين بالعناية بالأمثال في القرآن وفهمها لأنها تبصر الإنسان بالحقائق ثم المثل مهما تعمق الإنسان فيه سيجد تحته أسرار وخزائن العلوم وأيضاً الجاذبية حتى في قبول الناس وانسياقهم لأن الحق إذا بان للناس بصورة جلية ليس كالحق الذي ينساق الإنسان وراءه وهو يؤمن به إيماناً مجرداً (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن قَالَ بَلَى وَلَكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي (260) البقرة) طلب من الله عز وجل أن يريه آية إحياء الموتى ليس شكاً من إبراهيم عليه السلام لكن زيادة في الإيمان. كذلك هذه الأمثال فالحق لما يضرب له بأمثال محسوسة وتجسد له هذه المعاني في صور كأنه يشاهدها فإن ذلك يجعله ينساق إلى الحق ويستجيب له ويؤمن به ويدافع عنه ويجاهد في سبيله.

قال بعدها (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى) وهو يمهد لهذا منذ فترة أنه قال (هَلْ يَسْتَوِي الأَعْمَى وَالْبَصِيرُ أَمْ هَلْ تَسْتَوِي الظُّلُمَاتُ وَالنُّورُ (16)) الآن بدأ يبين من هم الذين استجابوا ومن هم الذين لم يستجيبوا والاستجابة هنا ليست اقتناعاً وإنما الانقياد أن تدلل على استجابتك بالانقياد التام (لِلَّذِينَ اسْتَجَابُواْ لِرَبِّهِمُ الْحُسْنَى وَالَّذِينَ لَمْ يَسْتَجِيبُواْ لَهُ لَوْ أَنَّ لَهُم مَّا فِي الأَرْضِ جَمِيعًا وَمِثْلَهُ مَعَهُ لاَفْتَدَوْاْ بِهِ أُوْلَئِكَ لَهُمْ سُوءُ الْحِسَابِ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمِهَادُ (18)) من هم هؤلاء المستجيبون؟ قال (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُواْ الأَلْبَابِ (19)) من هم أولو الألباب؟ هم الذين استجابوا وصفهم الله فقال (الَّذِينَ يُوفُونَ بِعَهْدِ اللّهِ وَلاَ يِنقُضُونَ الْمِيثَاقَ (20) وَالَّذِينَ يَصِلُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ وَيَخَافُونَ سُوءَ الحِسَابِ (21) وَالَّذِينَ صَبَرُواْ ابْتِغَاء وَجْهِ رَبِّهِمْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَأَنفَقُواْ مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلاَنِيَةً وَيَدْرَؤُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ أُوْلَئِكَ لَهُمْ عُقْبَى الدَّارِ (22) جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالمَلاَئِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِم مِّن كُلِّ بَابٍ (23) سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)) هذه ثمان صفات هذه هي حقيقة المستجيبين أما يقول الإنسان أنا مسلم وأعتز بإسلامي وأنا مؤمن وأعتز بإيماني وأنا أفاخر بهذا الدين وفي النهاية تجد العمل في وادي وهو في وادي هذا لا مكان له في جيننا، هذا إرجاء وهو أن يكون الإيمان معرفة باردة باهتة وصورة معلوماتية ليس لها حقيقة واقعية نحن عندنا الإيمان هو ذاك الذي تنطبق صورته على واقع حياته ولذلك قال (أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَبِّكَ الْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَى (19)) ليس له شيء من البصيرة لا القلبية ولا البصرية. ثم على طريقة القرآن في المقابلة بين المتبعين والضالين قال (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَآ أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ (25)) هؤلاء الذين لم يستجيبوا. ثم عاد مرة أخرى إلى المرسِل (اللّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ وَفَرِحُواْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا فِي الآخِرَةِ إِلاَّ مَتَاعٌ (26)) سبب كفر هؤلاء الكافرين أنهم اغتروا بالحياة ونسوا نلك الحقائق كما ضرب الله الأمثال (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء (17)). (وَيَقُولُ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير