يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُم بِسُلْطَانٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ (11)) نحن مقرون بأننا بشر لكن هذه منّ’ من الله سبحانه وتعالى. لكن مع ذلك يجري الصراع وهو صراع بين الحق والباطل لكن النتيجة (وَاسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (15) مِّن وَرَآئِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَى مِن مَّاء صَدِيدٍ (16) يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ الْمَوْتُ مِن كُلِّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيِّتٍ وَمِن وَرَآئِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ (17)) فهذا هو جزاؤهم
المقدم: الحوارات التي تحصل بين الرسل وأقوامهم كلها بهذا الشكل عناد وتكذيب
د. صواب: عناد وتكذيب وأسلوب يكاد يكون متطابقاً إلى حد كبير لأن الله سبحانه وتعالى يقول (كَذَلِكَ مَا أَتَى الَّذِينَ مِن قَبْلِهِم مِّن رَّسُولٍ إِلَّا قَالُوا سَاحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ (52) أَتَوَاصَوْا بِهِ (53) الذاريات) في عهد محمد يقولون ساحر ومجنون وفي عهد موسى يقولون ساحر ومجنون ويقولون لصالح وهود ونوح وسائر الرسل يقولون هذه المقالة (أَتَوَاصَوْا بِهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ طَاغُونَ (53)) فالطغيان جمعهم على هذا الشيء.
المقدم: آية فيها مثل (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ (18)) ما دلالتها؟
د. صواب: هذا من الأمثال العجيبة ومن التشبيهات الحسنة في كتاب الله سبحانه وتعالى. الكفار لهم أعمال ظاهرها الصلاح أن يطعم فقيرًا، أن يحض على طعام مسكين أحيانًا، أن يكرم ضيفًا إلى غير ذلك من الأعمال التي ظاهرها الصلاح وهي أعمال صالحة لو أريد بها وجه الله سبحانه وتعالى لكن الله سبحانه وتعالى يقول (وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا (23) الفرقان) ما مصير أعمال هؤلاء الكفار؟ لا شك أن الله عز وجل أحبط أعمالهم, انظر إلى هذا المثل العجيب مثل أعمالهم (مَّثَلُ الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ) مثل ماذا؟ كرماد اشتدت به الريح في يوم عاصف وأنت تعلم أن الرماد لا يثبت في الأحوال العادية فكيف إذا كانت هناك ريحًا فكيف إذا كانت هذه الريح في يوم عاصف؟! هل يمكن أن يبقى من هذا الرماد شيء؟! هل يمكن أن يعتمد عليه؟! لا يمكن، وهكذا أعمال الكفار تكون بهذا الشكل فهذه من التشبيهات العجيبة والجميلة جدًا في كتاب الله عز وجل
المقدم: سؤال عن المحاجة بين الضعفاء التابعين وبين المتبوعين أين كانت هذه المحاجة؟ في النار؟ أم قبل دخولهم النار؟ بالإضافة إلى المحاجات الأخرى في سبأ وغافر.
د. صواب: بالنسبة لهذه المحاجة أنها في النار والله ذكر لنا في سورة أخرى (وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاء لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنتُم مُّغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِّنَ النَّارِ (47) غافر) فهم يتحاجون في ذلك ويحاول كل منهم أن يحمل الآخر المسؤولية
المقدم: (سَوَاء عَلَيْنَآ أَجَزِعْنَا أَمْ صَبَرْنَا مَا لَنَا مِن مَّحِيصٍ (21)) هل هذا فيه دلالة على أنهم أرادوا أن يصبروا؟
د. صواب: الأمران مستويان كلاهما سواء، سواء جزعنا أم صبرنا فليس لنا مخرج فلا ينفعهم الجزع ولا ينفعهم الصبر في الخروج من النار اصلوها، فاصبروا أو لا تصبروا سواء عليكم.
المقدم: ضرب المثل بالكلمتين الكلمة الطيبة والكلمة الخبيثة
د. صواب: هذه ضرب مثل لكلمة التوحيد كما يذكر بعض العلماء وليس هناك ما يمنع أن تلحق بها كلمات طيبة أخرى. لكن هنا يصور لك القرآن ثبات الإيمان والمؤمن واهتزاز الكفر والباطل، فأما المؤمن فهذا مثله (أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللّهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرةٍ طَيِّبَةٍ أَصْلُهَا ثَابِتٌ وَفَرْعُهَا فِي السَّمَاء (24)) وهذه كما بيّنها النبي صلى الله عليه وسلم بأنها هي النخلة، هذه النخلة أصلها ثابت وفرعها في السماء لا يضرها ريح ولا يضرها ما حولها فهي ثابتة ودائمة بخلاف الأشجار التي تنبت ثم تزال وتجتث وهو مثل للكلمة الخبيثة قال العلماء هي شجرة الحنظل (وَمَثلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ مِن
¥