تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

سبحانه وتعالى عبّر فيها بصيغة التعظيم (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

د. عبد الحكيم: مناسبة لطيفة في الآية (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) هم قبل قليل قالوا (وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ (6)) هم قالوها استهزاء فجاء بهذا التأكيد وبلفظ العظمة وبالضمير (نحن) جمع تعظيم، هذا الذكر الذي تستهزئون به أنا الذي أنزلته سوماه بنفس الإسم الذي ذكروه (وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)

د. عبد الرحمن: وهنا فائدة أنه لا يعدل عن الإسم الصحيح لاستهزاء الآخرين به، هم سمّوه الذكر على وجه الاستهزاء فليس معنى هذا أن نسميه نحن بإسن آخر لأنهم سخروا من هذا الوصف له فالله سبحانه وتعالى قال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ). هناك قصص كثيرة قد تفيد الإخوة المشاهدين أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ القرآن الكريم وتوفر له من وسائل الحفظ ما لم يتوفر لأي كتاب سماوي آخر ولذلك العلماء يذكرون في كتب التفسير لماذا الله سبحانه وتعالى حفظ القرآن ولم يحفظ التوراة والإنجيل من التحريف والزبور غير موجودة الآن! ولن تأمن أي كتاب سماوي على الإطلاق على وجه الأرض إلا القرآن الكريم فقط أن تقرأ الآن في التوراة ولكنك غير مطمئن وتقرأ في الإنجيل وأنت غير مطمئن إلى أنه هو الذي أنزله الله، بل امتلأ بالتحريف والتشكيك غير مطمئن

الإنجيل كتب بعد المسيح عليه السلام بثلاثمائة سنة كانوا يتناولونه على طريق الحفظ لكن القرآن وهو ينزل كان صلى الله عليه وسلم إذا نزلت آية أمر بالكاتب فكتب ثم يقرأ للناس قم يقرأ في الصلوات ويقوم به الليل ويتذاكرونه وذكر الحديث تعهد القرآن فهو في عهد النبي صلى الله عليه وسلم معروف معروفة سوره ومعروفة آياته

د. عبد الرحمن: كتاب لأحد الباحثين أحمد طويله مقارنة بين جمع الأناجيل وجمع السنة النبوية أثبت فيها أن جمع المسلمين للسنة النبوية أوثق ألف مرة من جمع النصارى للإنجيل وجمع اليهود للتوراة فما بالك بالقرآن الكريم لأنه كان في غنى عن حفظ الناس لأن الله تعالى تكلف بحفظه، يذكرون في كتب التفسير أن الجواب عن ذلك أن الله سبحانه وتعالى تكفل بحفظ القرآن كما في هذه الآية فقال (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وقال عن كتب أهل الكتاب (بِمَا اسْتُحْفِظُواْ مِن كِتَابِ اللّهِ (44) المائدة) فوكل حفظ التوراة والانجيل إلى الأحبار والرهبان فضيّعوها. قصص كثيرة تجدها في كتب التاريخ منها يذكرون في عهد المأمون كان عنده خطاط وكان صابئيًا وكان المأمون يرغب في أن إسلام هذا الرجل خطه جميل، خطاط فقال أسلم أعطيك عشرين ألف دينار فقال الأعرابي لا يا أمير المؤمنين دعني وديني، ثم غاب عن المأمون سنة أو أكثر ثم سأل عنه المأمون فلما جيء به فإذا به قد أسلم فقال ما قصتك؟ قال كتبت كتاب التوراة فزدت فيه ونقصت وبعته على أحبار اليهود فبالغوا في مدحه وفي ثمنه وتركت لهم مدة ليكتشفوا التحريف والنقص فلم ينتبه أحد وصنعت ذلك في كتاب النصارى، ما انتبهوا للتحريف كل واحد عنه نسخة مختلفة قال فجئت إلى القرآن الكريم ثم لم أذهب به إلى علماء المسلمين لتوقعي أنهم سيكتشفون الخطأ مباشرة، وذهبت به إلى سوق الورّاقين في بغداد الذين يبيعون الكتب (لا يكونون في العادة علماء متفرغين وإنما كَتَبة) فقال والله يا أمير المؤمنين ما فتح القرآن إلا وقعت عينه على الحرف الذي زدته فأعاده لي وقال لا حاجة لنا بمصحفك. فأنا عرفت أنه محفوظ من الله وأن هذا دين الحق وتتكرر هذه القصة كثيراً في زمننا هذا، هناك تضبط مصاحف فيها بعض الإضافات ودائماً -من خلال تجارب بالتاريخ- أن الذي يغيّر أو يزيد لا يُكثِر دائماً وإنما يضع حرفًا ناقصًا هنا وحرفًا زائدًا وبالرغم من ذلك يُكتشَف. يقول الغزالي رحمه الله أو أبو زهرة أحدهما يقول ما كنت أظن أن عامة الناس في مكة يحفظون القرآن قالت فجئت إلى مكة قبل سبعين سنة وأنا أصلي في الحرم فرفعت صوتي وأنا أصلي أتنفل في الليل فأخطأت في آية فرد علي شخص بعيد عني لكنه يسمعني قال ما كنت أتوقع أنه يقرأ أصلًا فضلًا عن أن يحفظ القرآن فلما سلمت من الصلاة ذهبت إليه فإذا به يحفظ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير