تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

القرآن فحفظ الله لكتابه صوره كثيرة. ولعل من حفظ كتاب الله ما نراه اليوم من إقبال الناس على القرآن الكريم وعلى علومه وعلى لغته، وأقول حفظ لغة القرآن الكريم من حفظ القرآن، اللغة هي أساس فهم القرآن إذا استحضر الإخوة المتخصصون باللغة العربية أنه بتعلمهم وتعليمهم لها وحرصهم على عدم الوقوع في اللحن والخطأ أنهم بهذا يتمثلون قول الله تعالى (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) وأن هذا من حفظ الله لكتابه.

د. عبد الرحمن: نعود لسورة الحجر والوقفات عندها وكنت تريد أن تتحدث عن هذه الآية (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ (87)) فماذا لديك عنها؟

د. عبد الحكيم: نجعلها في آخر الحلقة. في قول الله سبحانه وتعالى لما ذكر جهنم (وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43)) بدأ بذكر جهنم ثم ذكر الجنات (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (45)) ثم قال بعدها (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (49)) فبدأ بالمغفرة أولاً ثم العذاب الأليم (وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ (50)) كان الترتيب أن يذكر العذاب أولًا ثم المغفرة، لكنه ذكر الرحمة وهذا مما يدل على أن رحمة الله سبحانه وتعالى غلبت غضبه وذكر إسم المغفرة والرحمة بذكر أسماء الله سبحانه وتعالى (نَبِّىءْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) بينما جاء في ذكر العذاب لم يأت بأسماء الله وإنما ذكر فعلًا له (وَ أَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمَ) وهذا غالباً ما يكون كذلك في ذكر الانتقام لا يذكر في الانتقام إسم لله وإنما فعل أما في الرحمة يذكر أسماءه عز وجل وهذا ما يدل على أن رحمة الله عز وجل وسعت كل شيء وهذا فيه تحبب للناس والعودة والتوبة. وفي قصة إبراهيم (قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ (56)) بشِّر بولد وهو كبير في السن فقالوا إن الله يبشرك فلا تكن من القانطين قال أنا ما قنطت لكن أريد أن أعرف كيف يكون لي هذا الولد فهو إذا كان في أمر الدنيا ولد لشخص كبير وإبراهيم عليه السلام الذي يعرف ربه وهو خليل الرحمن قال (قَالَ وَمَن يَقْنَطُ مِن رَّحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّآلُّونَ) فكيف برحمة الله عز وجل للعبد إذا تاب؟! لا شك أن رحمته عز وجل أسبق من هذا الأمر المتعلق بالدنيا وهو الولد.

اللفتة الأخرى في قول الله عز وجل في قصة لوط (فَأَسْرِ بِأَهْلِكَ بِقِطْعٍ مِّنَ اللَّيْلِ وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ وَلاَ يَلْتَفِتْ مِنكُمْ أَحَدٌ وَامْضُواْ حَيْثُ تُؤْمَرُونَ (65)) يعني كن في آخرهم كُن في آخر أهلك، اللفتة فيها أن الفائدة لما يكون القائد في آخر القوم يكون مراعياً لضعيفهم وإذا سقط منهم شيء ينظر لهم يحرسهم و كان هذا هدي النبي صلى الله عليه وسلم هذا القائد الناجح وجاء في سنن أبي داوود أنه كان من هديه أنه كان في آخر الجيش يحمل مع الضعيف ويراعي العاجز ونحو ذلك، وهذا الذي ينبغي في كل قائد سواء كان أو مديراً أو رب أسرة أو مدرساً أو قائداً أن يراعي الضعيف وأن ينتبه لأحوال من تحت يده. فهذه الآية دلت على أن هذا كان هدي المرسلين (وَاتَّبِعْ أَدْبَارَهُمْ) فيكون في آخرهم فيحفظهم فلا يقع أحد منهم في العقوبة فقد يتخلف أحد أم يلتهي بشيء آخر فهو يحفظ أهله حتى ينجو من هذا العذاب الأليم.

في قوله عز وجل (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ (72)) هذا فيه قسم بحياة النبي صلى الله عليه وسلم وهذه أعظم نعمة على من جاؤوا من حياة النبي صلى الله عليه وسلم فمن بعده أن أرسل لهم النبي صلى الله عليه وسلم فأعظم نعمة إرسال هذا الرسول إليهم فكان به نجاتهم من النار ووصولهم إلى الجنة إن آمنوا به عليه الصلاة والسلام. فنعمة الله أن بعث لنا رسولًا لا شك أنها نعمة عظيمة ولذلك أقسم الله بعمر النبي عليه الصلاة والسلام (لَعَمْرُكَ) أو عُمرك كلاهما صحيح لكن الفتح لتسهيل القسم. (إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) الضمير يعود إلى قوم لوط وليس إلى قريش لأنه في هذا اتصال السياق وعدم تحديد قائد وعدم انقطاعه عن قصة قوم لوط (لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ) سكرة، هذه سكرة الهوى نسأل الله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير