تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. إبراهيم: قبل أن نذكر الموضوع الأساسي يحسن بنا أن نؤكد ما يسمى بالمحور أو الوحدة الموضوعية في السورة هي أمر اجتهادي وليس متفق عليه بين أهل العلم فهناك من قال كل سورة لها محور واحد تدور جميع الآيات عليه وهناك من قال لا، ما نستطيع أن نقول هناك محور واحد ولا سيما السور الطويلة لها موضوعات متعددة وهناك قول وسط يجمع بين الأمرين وهو أنه إذا كانت السورة قصيرة كأواخر سور القرآن الكريم نستطيع أن نقول أن لها محور واحد وإذا كانت السور طويلة كالسبع الطوال والمئين فهذه من الصعب أن نقول أن لها محور واحد وآياتها كلها من أولها لآخرها تخدم وتدور وتفسر محورًا واحدًا لكن نقول أن هذا أمر ظاهر وموضوع أساس فيها وهناك آيات قد لا تكون مشتقة من هذا الموضوع الأساس.

د. إبراهيم: الأمر البارز في هذه السورة النعم. الله عز وجل من بداية السورة حينما ذكر الأنعام والخيل والبغال والحمير وإنزال الماء من السماء وتسخير البحار والفلك فيه وثم يذكر الأنعام والنحل إلى آخر السورة وعاقبة من يكفر بالنعم ثم في آخر السورة يذكر عن ابراهيم عليه السلام (شَاكِرًا لِّأَنْعُمِهِ اجْتَبَاهُ وَهَدَاهُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (121)) كلمة (نعمة) تكررت بضع مرات في السورة وأيضًا ذكر الله عز وجل صنوفًا من المطعومات والمشروبات والملبوسات فكأن أبرز موضوع في هذه السورة النعم نعم الله عز وجل سواء كانت النعم الظاهرة الحسية أو كانت النعم المعنوية نعمة الإيمان والإسلام.

د. عبد الرحمن: برأيك يا دكتور السورة مكية نزلت في مكة والحديث عن إبراز هذه النعم التي أنعم الله بها على خلقه عمومًا خاصة في قوله (خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ بِالْحَقِّ تَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (3) خَلَقَ الإِنسَانَ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ (4) وَالأَنْعَامَ خَلَقَهَا لَكُمْ فِيهَا دِفْءٌ وَمَنَافِعُ وَمِنْهَا تَأْكُلُونَ (5) وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ (6) وَتَحْمِلُ أَثْقَالَكُمْ إِلَى بَلَدٍ لَّمْ تَكُونُواْ بَالِغِيهِ إِلاَّ بِشِقِّ الأَنفُسِ إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُوفٌ رَّحِيمٌ (7) وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8) وَعَلَى اللّهِ قَصْدُ السَّبِيلِ وَمِنْهَا جَآئِرٌ وَلَوْ شَاء لَهَدَاكُمْ أَجْمَعِينَ (9) هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11)) كلها نِعَم يشترك فيها الجميع المؤمن والكافر ما علاقة مثل هذا بدعوة المشركين؟ لا سيما أن بحثك في الماجستير كان عن منهج القرآن الكريم في محاربة الشرك هل تدخل ضمن المنهجية التي درستها؟

د. إبراهيم: نعم، قد يكون من منهج القرآن ووسائله في محاربة الشرك ذكر مظاهر عظمة الله في الكون فإن من أبصر هذه المظاهر العظيمة فإنه لا يليق به أن يعبد غيره بل أن يتجه لهذا الخالق الرازق صاحب هذه النعم، كيف يعبد الإنسان إلى آلهة ضعيفة لا تملك لنفسها نفعًا ولا ضرًا ويعرض عن عبادة الخالق المنعم الرازق المدبر لا شك أن هذه الآيات في بداية سورة النحل تهز الإنسان هزًا وتجذبه إلى الإيمان جذبًا، كيف ينصرف الإنسان عن هذا الخلّاق العظيم الذي سخر الأنعام وأنزل المطر وسخر الليل والنهار والبحار هذا هو المستحق للعبادة سبحانه؟!.

د. عبد الرحمن: وجاءت بأسلوب (هو) (هُوَ الَّذِي أَنزَلَ مِنَ السَّمَاء مَاء لَّكُم مِّنْهُ شَرَابٌ وَمِنْهُ شَجَرٌ فِيهِ تُسِيمُونَ (10) يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)) الذي يشاهد الآن الأفلام الوثائقية عن الجبال والبحار والأنهار وما فيها من العظمة يوقن فعلًا بعظمة هذا الإله

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير