د. إبراهيم: ثم إن الله تعالى نوّعها فإذا لم تؤثر فيه آية ينظر إلى غيرها، إذا لم تؤثر فيه آيات الكون والفضاء فلينظر إلى الأرض وما فيها من عجائب أو ينظر إلى المشروبات والأشجار والثمار
د. عبد الرحمن: سؤال سألته إحدى الأخوات في الملتقى يتعلق بالآيات التي في المقدمة في قوله (يُنبِتُ لَكُم بِهِ الزَّرْعَ وَالزَّيْتُونَ وَالنَّخِيلَ وَالأَعْنَابَ وَمِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (11) وَسَخَّرَ لَكُمُ اللَّيْلَ وَالْنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالْنُّجُومُ مُسَخَّرَاتٌ بِأَمْرِهِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (12)) يختم كل آية وأنا أذكر قديماً أحد الإخوان نبّه إلى مسألة التعقيبات القرآنية وأنها تحتاج لجمع ودراسة وتدبر حتى يستطيع أن يخرج منها الباحث بشيء عام- (يتفكرون- يعقلون – يذكرون – تشكرون) لو لمحة حول أسرار الاختلاف في هذه التعقيبات؟
د. إبراهيم: بعد تأمل بسيط لم يظهر لي السر واضحًا في هذا ولكن لعله من باب التنويع وأيضًا رأيت كثيرًا من المفسرين لا يتوقف عند هذا خاصة من المتقدمين، بعض المتأخرين ربما يهتم بهذه الأسرار البيانية وهو أمر اجتهادي ليس قطعيًا يبدو أنه من باب التنويع
د. عبد الرحمن: والتنويع مقصد من مقاصد البلاغة
د. عبد الرحمن: في قوله سبحانه وتعالى (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (18)) ما علاقة الآية بالموضوع الذي تحدثت عنه وأنها سورة النعم؟
د. إبراهيم: الله عز وجل ذكر صنوفًا من النعم في هذه السورة لكنه لم يذكر جميع النعم والإنسان إذا تأمل في نعم الله عز وجل عليه لا يمكن أن يحصيها فالله عز وجل يقول هذه جزء مما أنعمت عليكم وهناك نعم كثيرة في نفس الإنسان، في الكون في الطعام والشراب وفي الأورد لا يمكن لأحد من البشر أن يحصيها وكل نعمة من هذه النعم تستحق الشكر وتستحق أن تكون دليلا بنفسها على عظمة الله واستحقاقه للعبودية دونما سواه.
د. عبد الرحمن: (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللّهِ لاَ تُحْصُوهَا (18)) هناك سؤال يتكرر دائماً كيف يقول (نعمة الله) فيفردها ثم يقول (لا تحصوها)، النعمة الواحدة تحصى
د. إبراهيم: هذه مضافة (نعمة الله) تشمل جميع النعم، المقصود بها نعم الله، الإضافة تقتضي هنا جميع النعم كل نعمة من نعم الله عز وجل داخلة في هذا.
د. عبد الرحمن: أذكر أبيات جميلة لمحمود الوراق يذكر هذا المعنى
إذا كان شكري نعمةَ الله نعمةٌ عليّ له في مثلها يجب الشكر
فكيف بلوغ الشكر إلا بفضله ولو طالت الأيام واتّصل العمر
حتى توفيق الإنسان إلى أن يشكر هذه النعمة في حد ذاته نعمة تستوجب الشكر والإنسان يتقلب في نعم الله ليل نهار نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا ويوزعنا جميعا أن نشكر نعمه.
د. عبد الرحمن: لفت نظري في أول السورة في قوله سبحانه وتعالى (أَتَى أَمْرُ اللّهِ فَلاَ تَسْتَعْجِلُوهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (1)) كيف يقول (أتى) وهو فعل ماضي ثم يقول (لا تستعجلوه) والاستعجال يكون لشيء مستقبل لا لشيء ماضي فما توجيه هذا؟
د. إبراهيم: قال المفسرون أنه عبّر بلفظ الماضي للدلالة على تحقق الموضوع وإلا هو مستقبل وهذا أسلوب بلاغي معروف وأيضًا ورد في القرآن (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ (1) القمر) أتى أمر الله معناه سيأتي أمر الله لكن للتأكيد على تحققه وقربه عبّر بالماضي
د. عبد الرحمن: لعلنا نتوقف في قوله (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ (8)) هذه آية ملفتة للنظر، هل يمكن أن ندخل تحت هذه الآية ما يكتبه الآن كثير من الباحثين في الإعجاز العلمي؟
د. إبراهيم: نعم، هذه الآية من أوضح الآيات الدالة على الإعجاز العلمي المعروف. فالله عز وجل لما ذكر الخيل والبغال والحمير والفلك لم يكتف بذلك بل قال (وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) للدلالة على أن هناك أولا مخلوقات لا يعرفها العرب المخاطبون بالقرآن في مكة وفي جزيرة العرب ربما هناك في مشارق الأرض ومغاربها مركبات أخرى كالفيلة كما قال بعض المفسرين وهناك مركوبات ستأتي في المستقبل مثل السيارات والطائرات والقطارات فلا شك أن هذه الاية فيها دلالة واضحة على ما استجد من المركوبات وهذا من الاعجاز العلمي أو الاعجاز الغيبي في القرآن
¥