تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم عنايته به في تصديق السحرة في نفس الوقت في نفس الوضع وأمام مجمع من الناس فصدقه من كان فرعون يعدّهم لتكذيبه. ثم عنايته به سبحانه وتعالى حينما رجع إلى قومه وحصل ما حصل، الله عز وجل لم يكلفه هذا الأمر، أنت أديت ما عليك والأنبياء غير مطالبين بغير البلاغ (إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلَاغُ (48) الشورى). مظهر العناية واضح جدًا في هذه السورة.

د. عبد الرحمن: هل هناك أدلة أخرى على أن هذا المحور هو المحور الأساسي غير قصة موسى أيضًا؟

د. عيسى: عناية الله عز وجل برسوله صلى الله عليه وسلم وهي الأصل في هذا المحور حتى إن قصة موسى سيقت لتثبيت قلب النبي ونحن قلنا أن هذه السورة نزلت في مرحلة مكية صعبة قبل الهجرة الأولى وكان المسلمون يعانون ضيقًا ومشقة وعنتًا وعذابًا فهذه القصة بكل ما فيها من عناية هي لتثبيت قلب النبي صلى الله عليه وسلم لكن العناية الأولى بالنبي واضحة لأن الله عز وجل قال له (مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3)) هذه آيات عظيمة جدًا حتى إن عمر وهو صاحب القلب الجاف رضي الله عنه كان قبل الإسلام كان جبارا في الجاهلية حتى إنه لما دخل في القصة المشهورة بطش بسعيد بن زيد زوج فاطمة رضي الله عنها ثم بطش بأخته فاطمة فضربها حتى سال الدم منها فلما رأى ذلك رقّ قلبه وأخذ الصحف والقصة مشهورة فرفضت أن تعطيه إلا أن يغتسل فاعتسل وجاء وقرأ (طه (1) مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لِتَشْقَى (2) إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَن يَخْشَى (3) تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4)) تعظيم للخالق سبحانه وتعالى وتعظيم للرسول صلى الله عليه وسلم وتعظيم لهذا القرآن، لما تقرأ هذه الآيات يقشعر بدنك (تَنزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الْأَرْضَ وَالسَّمَاوَاتِ الْعُلَى (4))، ثم وصف الله عز وجل نفسه، عظّم تعالى نفسك لتعظيم هذا الكتاب المنزل (الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى (5)) ثم عظّم نفسه أيضًا فبيّن ملكه (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى (6) وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى (7) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى (8)) بداية قوية جدَا، قرآن معجز ولهذا من قرأ هذه الآيات بقلب أشد من قلب عمر لا بد أن يخشع لها وقلب عمر كان قلبًا كافراً فخشع لها وقال ما أحسن هذا الكلام وأكرمه! وكانت مطلع هذه الآيات سببًا في إسلام عمر رضي الله عنه.

د. عبد الرحمن: الذي يتأمل هذه الآيات يجد ما يدعو إلى لين القلب. وأذكر أن سيد قطب أشار إلى فواصل سورة طه

د. عيسى: رحمه الله يقول هذه السورة فيها جو الهدوء والسكون ولهذا موسى لما جاء في مكان مظلم فيه هدوء جاء لهذا النور فسمع هذا الكلام العظيم وفيها عناية وفيها إحاطة وفيها هدوء ولهذا تجد حتى الفاصلة فاصلة لطيفة جدًا هذه الألف المقصورة حتى وأنت تقرأها وأنا أقول للإخوة المستمعين والمستمعات إسمعوا هذه السورة حينما يقرأها الشيخ المنشاوي – وكل القُرّاء فيهم خير – لكن حينما تسمع هذا المقطع والشيخ المنشاوي رحمه الله يقرأه تسمع شيئًا مبهرًا من الأداء خاصة عندما يقرأ هذه الألف المقصورة بنبرته الحزينة

د. عبد الرحمن: وهذه فرصة للإخوة المشاهدين في هذا الشهر الكريم التأمل وكثير من السلف كان يقول أن تقل من قرآءة القرآن الكريم مع التدبر ومع التفهم لها خير من الإكثار مع عدمها. ونحن في برنامجنا نحرص أن نأخذ كل يوم سورة علها تكون دعوة لإعادة القرآءة لسورة طه والتأمل والنظر فيها وما الذي دعا عمر رضي الله عنه إلى الدخول في الإسلام بعد سماع هذه السورة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير