تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. أحمد: ولذلك كان التعبير بهذه الصورة ولاحظ ابتداء هذه السورة فيه شيء من الزجر وشيء من الردع للمُنذَر أن يتنبه فأمر الساعة أمر عظيم ثم قوله (وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ) أكثر المفسرين يذكر في معنى الغفلة هنا أنه الغفلة في الدنيا وهذا هو الحق أكثر غفلات الناس من أجل الدنيا بغض النظر في الشهوات المباحة أم في الشهبات المحرمة هذا لا يعنيني ولكن الدنيا اشغلت الناس وعلينا أن نتنبه أن الساعة تأتي بغتة ولذا ذكر العلماء (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسَابُهُمْ) أن المقصود هنا إما اقتراب الموت ومن مات قامت قيامته وإما أن المقصود هو اقتراب حساب اليوم الآخر وإذا كانت هذه الآية تنزل في زمن النبي صلى الله عليه وسلم قبل ألف وأربعمائة سنة ونحن الآن نقرأها فينبغي أن نكون أشد حذرًا فقد أصبحت منا أقرب.

د. عبد الرحمن: والله إنك لتعجب أن الصحابة رضي الله عنهم والتابعون كانوا اشد حذرًا منا الآن مع أنها في حقهم أبعد مما في حقنا.

د. أحمد: حتى ذكر عن سفيان الثوري رحمه الله أنه كان ليلة واضعًا يديه تحت خده مطرقًا يفكر فدخل عليه أحد طلابه بالمطهرة إناء فيه ماء ليتوضأ لقيام الليل فلما دخل عليه الفجر وجده مطرقًا واضعًا يديه تحت خده كما كان في أول الليل فناداه يا سفيان يا إمام ما لك؟ قال والله منذ تلك الساعة وأنا لا زلت أفكر في همّ الآخرة ما استطاع أن ينام. فتعجب من اهتمامهم بهذا الأمر مع بعدهم عنه بالبعد الزمني مقارنة بنا وبحالنا

د. عبد الرحمن: الكفار لهم مجادلة شديدة للنبي صلى الله عليه وسلم في هذه السورة فهل يمكن أن نتوقف معها في قوله سبحانه (بَلْ قَالُواْ أَضْغَاثُ أَحْلاَمٍ بَلِ افْتَرَاهُ بَلْ هُوَ شَاعِرٌ فَلْيَأْتِنَا بِآيَةٍ كَمَا أُرْسِلَ الأَوَّلُونَ (5)) هذه المجادلة التي جادلها الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم

د. أحمد: عمومًا هم الكفار يعلمون أنهم على باطل ولكن صاحب الباطل يريد أن يثبت هذا الباطل حتى ولو كان بالحجة الواهية. فهؤلاء الكفار هم يعلمون أن الشيء الذي قاله لهم النبي صلى الله عليه وسلم وأخبرهم به بالوحي لا يستطيعون أن يأتوا بشيء مثله كما قال الله في القرآن (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) فأتوا بحجج واهية فقالوا لماذا يكون بشر يأكل كما نأكل ويشرب كما نشرب ويمشي في الأسواق؟ لماذا لا يكون ملك؟ وهي حُجّة هم يعرفون الجواب عليها فهم يؤمنون بإبراهيم وبملة إبراهيم ويقولون نحن على الحنيفية التي كان عليها إبراهيم، إبراهيم كان بشرًا يأكل الطعام ويمشي في الأسوق. أضف إلى ذلك أنه حتى لو استجاب الله لمطلبهم وكان هذا الرسول ملكًا لن يقبلوا دعوته لأنه سيأتيهم بشيء غريب لا يعيشونه ولا يعيش معهم لا يشعرون بما يشعر به كما قال تعالى في القرآن (وَلَوْ جَعَلْنَاهُ مَلَكًا لَّجَعَلْنَاهُ رَجُلاً وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِم مَّا يَلْبِسُونَ (9) الأنعام) ومع كل هذا هم يطالبون بمثل هذه المطالب ثم بدأوا يصفون النبي بأوصاف لا تليق تارة يقولون اختلق هذا الكلام وافتراه في المنام وتارة يقولون بأنه يهذي كما يهذي النائم وتارة يقولون أنه شاعر وتارة يقولون بأنه ساحر وهم يعلمون أن كل ما يقولون به ليس بصحيح ولكنها الحجج التي يأتون بها يشعروا أنفسهم بأنهم على حق وصواب وهم ليسوا أبدًا

د. عبد الرحمن: وهذه تتكرر. نحن الآن عندما نتحدث عن مجادلة الكفار للنبي صلى الله عليه وسلم لا نتحدث عن تاريخ فقط لكنك تجد الآن من أعوانهم ومن أتباعهم من المنحرفين سواء من اليهود والنصارى أو من المنافقين من يردد هذه الحجج ويطعن في القرآن ويطعن في النبوة ويطعن في الدين بمختلف الوسائل فعندما يرد القرآن على هذه المجادلات بالباطل التي يثيرها المشركون في الحقيقة يرد على كل من يثيرها على مدى التاريخ.

د. أحمد: بل حتى في هذه السورة الله عز وجل ذكر دلائل من حياتهم يجدون فيها صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما يقول فذكر لهم السماء والأرض وذكر لهم الجبال وذكر لهم الماء الذي يشربونه بل في آيات أخرى ذكر لهم شيئا من أنفسهم هم يعرفونه ويقرونه

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير