تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. عبد الرحمن: لاحظت تكرر ذكر القرآن الكريم في هذه السورة لعلنا نتوقف عنده بعد الفاصل.

د. عبد الرحمن: ألاحظ في سورة الأنبياء مسألة تربوية ومسألة إيمانية وهي تعظيم الله سبحانه وتعالى في نفوس خلقه بآياته الدالة على ذلك في الكون وفي السموات وفي الأرض فضلًا عن أنها استدلال على المشركين والمنكرين لربوبيته سبحانه وتعالى إلا إن فيها جوانب تربوية لتعظيم الله في نفس المؤمن، هل يمكن أن نتوقف عند مثل هذه الآيات؟

د. أحمد: قول الله عز وجل (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا (30)) وبعدها (وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ (30)) وهذه الآية من الآيات التي يتحدث عنها أهل الإعجاز العلمي بكثرة. أنا سأتكلم عن الجانب الآخر وهو تعظيم الله عز وجل من خلال مثل هذه الآيات الكونية والآيات الشرعية التي يذكرها في القرآن. خلق السموات والأرض لم تخلق هكذا عبثًا والله قال هذا في نفس السورة (وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاء وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَاعِبِينَ (16) لَوْ أَرَدْنَا أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّاتَّخَذْنَاهُ مِن لَّدُنَّا إِن كُنَّا فَاعِلِينَ (17)) لو افترض بأنها ستتخذ لهوا فإن الله عز وجل لن يطلع عليه العباد لأن هذا اللهو شيء من النقص ولا يليق بحق الإله. إذن خلق السماء هذا خلق عظيم، السماء لم يكن فيها سحاب ولا مطر ثم فتق منها السحاب والمطر والأرض والأرض لم يكن فيها نبات ففتق فيها النبات حينما جاءها المطر فأصبحوا يأكلون ويشربون ويهنأون بل هم ينظرون إلى تناقص الناس فيها من الأمم الماضية يموتون ويفنون ومع ذلك لم يتنبه الكفار أن هذه من دلائل على وحدانية الخالق, ولذك ينبغي للمؤمن أن يتأمل مثل هذا الأمر ويعقل بعقله. وستأتينا بعد قليل قضية نقف عندها قضية تسمية القرآن بالذكر، هذا الذكر فيه إشارة للعقل بأن العقل لا بد أن يكون فيه شيء من التذكر لمثل هذه الأمور والتأمل والوقوف معها فإذا وقف معها العبد شعر بتعظيم لخالقه ولذلك إذا عظم الخالق في نفوس العباد ظهرت آثار هذا التعظيم على جوارحه فلا ترى العبد الذي يعظّم ربه يتجرأ على معصيته بنفس هنيئة لأنه يشعر بتعظيم الخالق في قلبه ولذلك نجد علاقة كبيرة جدًا بين الإيمان وزيادته في القلب فكلما ازداد العبد تعظيمًا لربه وشعورًا بعظمته كلما ازداد هذا الإيمان في قلبه. وأنا أذكر مالك بن دينار لما دخل السوق وجد رجلًا مخمورًا يقول الله الله الله فقال سبحان الله يذكر إسم الله بفم مخمور والله لأطهرنّه هو يريد تعظيم الله جل وعلا فأخذ خرقة وطهّر بها فمه ثم رفع يديه إلى الله فقال اللهم طهِّر قلبه، اللهم طهر قلبه اللهم طهر قلبه ثم ذهب لينام يقول مالك فرأيت أن آتيًا أتاني وقال لي يا مالك طهّرت فمه من أجلنا وطهّرنا قلبه من أجلك. هنا التعظيم ظهر له أثر عند هذا الرجل عندما حصل تعظيم الخالق بهذه الخرقة التي طهّر بها هذا الفم فكيف بمن يعظم الله عندما يتأمل في ملكوته وعندما يتأمل في مخلوقاته سيكون التعظيم أشد, وهذا ما يحتاج الناس الآن في زمن الفتنة حتى يكون لهم رادعًا عن الإغراق في الشهوات.

د. عبد الرحمن: هذه لفتات مهمة وقلّ من يتوقف عندها أثناء قرآءة القرآن الكريم وهي الجوانب التربوية مثل مالك بن دينار كانوا يتربون بها ويعيشون عليها وأنت عندما تقرأ في تراجمهم كيف كانت حياتهم مع القرآن الكريم تلاحظ هذا التعظيم لله سبحانه وتعالى من خلال مخلوقاته وآياته. موضوع آخر وهو القرآن الكريم في سورة الأنبياء في قوله سبحانه وتعالى (لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ (10))

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير