النساء فغيرهنّ عليه جناح وححتى لو وضعن ثيابهن وهن كبيرات قد يئسن وأصبحن لا يلتفت إليهن (غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) لأنه صيانه المجتمع والمصلحة العامة مقدمة على مزاج امرأة أو مزاج رجل، هوى شاب أو هوى فتاة، مصلحة المجتمع مقدّمة على هؤلاء.
د. عبد الرحمن: في أول السورة في قوله تعالى (الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ (2)) هذه الآيات تتحدث عن حد الزنى في جانب البكر لو تحدثنا عن هذا وأين ورد الحديث عن الرجم؟
د. حسن: حد الزنا كان أمره عامًا في أول الإسلام كما جاء في آية النساء ثم بعد ذلك جاء حكمه واضحًا في هذه السورة وهذا في الزانيين إذا كانا غير محصنين يعني بِكر مائة جلدة والتغريب الذي جاء في السُنة ثم حكم الزانية والزاني المحصنين إذا كانا محصنيين هو الرجم حتى الموت وقد ثبت ذلك بالسُنّة القولية والفعلية ورجم النبي صلى الله عليه وسلم وأمر أصحابه أن يرجموا من وقعوا في ذلك وثبت ذلك بالقرآن بالقرآءة المنسوخة الثابتة كما قال عمر رضي الله تعالى عنه في ذلك ومن الألفاظ التي وردت في هذه القرآءة (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة) وكان إجماع بين المسلمين لا خلاف بينهم أن هذا حدّ الزاني غير المحصن وذاك حد الزاني المحصّن.
د. عبد الرحمن: كان عمر يقول لولا أن يقول الناس زاد عمر في القرآن لأثبت الآية في سورة الأحزاب (والشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالًا من الله والله عزيز حكيم) هذا من القرآن الذي نسخ لفظه وبقي حكمه
د. حسن: وإذا تأملنا الآيات من أول السورة حتى الآيات السادسة والعشرين هي في الحقيقة كلها حديث عن حادثة الإفك الكبيرة مقدماتها وما جرى بعدها.
د. عبد الرحمن: تحدثت السورة عن الزنا ثم تحدثت عن القذف ثم عن الإفك ما الرابط بين هذه الحوادث؟
د. حسن: الرابط بينها هو أن بعضها آخذ برقاب بعض وبعضها سبب لبعض. فالقذف هو إتهام طرف لطرف أنه وقع في هذه الفاحشة والقذف لفظ عام لكن في هذه السورة يتجه إلى الزنا وحتى القذف قذف عام وقذف وهو اللعان بين الزوج وزوجته ولذلك أغلق هذا الباب حماية لكل طرف من الطرف الآخر. الزنا هو الفعلة المنكرة والقذف هو رمي بها والإفك هو قذف بها.
د. عبد الرحمن: نعود لسورة النور، في قصة الإفك التي وقعت لأمنا عائشة رضي الله عنها الكثير من الناس يقرأوا هذه القصة ويظن أنها تاريخ مضى وانقضى ولا يعلم أن هناك أناس يجددونها إلى اليوم وقبل أربع أو خمس أيام عقد مؤتمر للإحتفال بموت عائشة رضي الله عنها ويقول الذين يقومون بهذا أن هذا عيد منسي ينبغي أن نحتفل بموت عائشة رضي الله عنها من قِبَل هؤلاء الرافضة قبّحهم الله. فأريد أن تتوقف عند هذا الموضوع (إِنَّ الَّذِينَ جَاؤُوا بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِّنكُمْ (11))
د. حسن: وهذا في حقيقة الأمر أقل ما يجب علينا نحو أمنا عائشة رضي الله تعالى عنها أم المؤمنين الصديقة بنت الصديق أبيها الصديق ورسول هذه الأمة زوج الصديقة وحبيب الله عز وجل وأعظم رسله هذه الحادثة هي في الواقع جاءت في هذه السورة مفصّلة وهي تاج على رأس عائشة رضي الله عنها وهي ملحمة من المحنة التي كان يمر بها المجتمع المسلم في ذلك الوقت.
د. عبد الرحمن: ليتك توضح لنا باختصار شديد ما هي القصة بالضبط.
د. حسن: في غزوة بني المصطلق في أواخر السنة الثالثة أو أوائل السنة الرابعة كان النبي صلى الله عليه وسلم قافلًا وراجعًا من غزوة بني الصمطلق وفي أثناء الطريق باتوا في مكان معين فعائشة رضي الله عنها بعد أن أُذِّن برحيل الجيش خرجت كما تخرد النساء والرجال لقضاء شؤونهم بعيدًا عن المعسكر فذهبت فلما رجعت افتقدت عِقدها فرجعت تطلبه رجعت على خطاها تطلب عقدها فطال بها الأمر وجدت عقدها بعد بحث احتبست عليه فلما رجعت وإذا بالمعسكر والناس قد رحلوا والصحابة رضي الله تعالى عنهم المكلفون بحمل هودجها وكانت خفيفة فحملوا هودجها ولم يشعروا أنها غير موجودة فيه وشد على بعيرها ومضى الركب وكان النبي صلى الله عليه وسلم عادة ما يجعل خلف المعسكر بعيدًا من يرقب العدو لئلا يغير أحد على المعسكر وكان صفوان بن المعطل رضي الله عنه كان هو ذلك الرجل وكان من خيار الصحابة
¥