تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

من (عبده) (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ (1)) كل مقام أضيفت العبودية إلى الله أو إلى الضمير العائد إلى الله فهي إضافة تشريف وتكريم ولذلك كل الأنبياء ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مقام التشريف نودي بالعبد: في ليلة الاسراء (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ (1)) في مقام المعراج جبريل تخلى عنه قال لو تجاوزت هذا لأحرقت سبحات وجهي وأحرقتني وقف عندها، خوطب بلقب العبودية الرسول صلى الله عليه وسلم (فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى (10) النجم)، (وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا (23) البقرة) مقام العبودية مقام تشريف لرسول الله صلى الله عليه وسلم والحكمة في ذلك أن الشيء إذا صُنِع لأمر ما فتحقيق هذه الغاية هو اشرف شيء لهذا الشيء. ربنا سبحانه وتعالى يقول (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (56) الذاريات) إذا كانت الحكمة من خلق البشر هي العبودية فإذن صفة العبودية أشرف الصفات للبشر ولذلك في تشريف وتعظيم لرسول الله في نهاية سورة النور وفي أول سورة الفرقان.

د. عبد الرحمن: هل هناك تناسب بين أول الفرقان وآخرها؟

د. مصطفى: نعم، ذُكِر في أول الفرقان (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ (1)) والكتاب الذي نزل وهو الفرقان والعبد الذي نزل ومهمة العبد الذي نزل عليه القرآن كلها تكررت في آخر السورة: الله المنزِل الرسول المنزل عليه والكتاب المنزل ومهمة الرسول عليه الصلاة والسلام وهي الإنذار.

د. عبد الرحمن: ندخل في التفاصيل حتى لا يدركنا الوقت لأن سورة الفرقان مليئة. من الأشياء التي تلفت النظر فيها الحديث عن أميّة الرسول صلى الله عليه وسلم في هذه السورة وكان يتهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه يختلق القرآن وهذه التهمة حتى اليوم تكررفي بعض كتابات الذين يطعنون في القرآن من المستشرقين وبعض الذين يقلّدون المستشرقين بإتهام النبي صلى الله عليه وسلم بأنه كان يقرأ وكان يكتب

د. مصطفى: أمية الرسول صلى الله عليه وسلم هي مسلّمة عند المشركين ولذلك كان المشركون من العرب من قريش أكثر إنصافًا من المستشرقين الآن، هم سلّموا أن محمدًا أميّ. وقبل أن نسترسل في الأمر الأميّة صفة نقص في كل البشر إلا في رسول الله فهي صفة كمال لأنها أبرز لمعجزة القرآن الكريم. لو كان غير أميّ لو كان كاتبًا قارئًا يحاول اختلاقه المستشرقون الآن يقولون اطلع على كتب السابقين وجمع من هنا وهنا أشياء فألّف هذا القرآن نسبه إلى الله تعالى، فلما كان مسلمًا عن العرب أنه أميّ ما خطً خطًا في كتاب ولا قرأ في كتاب ولا تعلم على يد بشر ثم جاء بهذه المعجزة العظيمة تحدّى الإنس والجن (قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (88) الإسراء) أبرز شيء أنه جاء على لسان أمّيّ، فيكم القارئ يا مشركون وفيكم الكاتب والشاعر والخطيب أنتم تقولون محمد اختلق، إختلقوا، إئتوا بعشر سور مثله مفتريات افتروا من عند أنفسكم ثم إلى سورة واحدة. فما دام عندما جاء من أميّ فكانت أبرز مكانة للقرآن الكريم. هم قالوا (وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلَّا إِفْكٌ افْتَرَاهُ وَأَعَانَهُ عَلَيْهِ قَوْمٌ آخَرُونَ فَقَدْ جَاؤُوا ظُلْمًا وَزُورًا (4) وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (5)) ما قالوا هو كتبها لأنه أمي ولكن طلب من غيره يكتبها له وهي تُملى عليه، من فطنتهم المشركون كانوا أذكياء عندما يتهمون ما نسبوا وقالوا محمد تلقى أو أعانه أو أعطاه المعلومات واحد كبار قريش لأن كبار قريش واحدهم منهم يعرف الآخر ويعرفون قدراتهم ويعرفون الوليد بن المغيرة شيء وأبو جهل كلهم يعرفون بعضهم لكنهم نسبوا من الذي يملي على محمد هذه الأساطير؟ قوم آخرون، صهيب الرومي، يسار، فلان، من الموالي الأعاجم حتى يوهموا الناس بأن هؤلاء الأعاجم عندهم ثقافة، عندهم معلومات ما هي معروفة في أهل مكة حتى تلقى الشبهة رواجًا لدى الآخرين.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير