تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. صالح: لأن الحديث هنا عن الآيات ولاحظ أنها لم تذكر هاتين الآيتين (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ (67) وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)) لم تذكر بعد قصة موسى وإنما ذكرت قبلها بعد أن لفت الله عز وجل أنظارهم إلى الآيات الحسية التي يشاهدونها ثم ذكر لهم الوقائع التاريخية فكل ذلك يتبع سبحانه وتعالى بقوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) وهذا فيه دلالتان: أما الأولى فهو أن هلاك هذه الأمم قبلكم كانت آية من الآيات يجب عليكم أن تعتبروا بها فيما أنبته الله عز وجل في هذه الأرض من كل زوج كريم فيه آية من الآيات وفي قصة موسى آية من الآيات وفي قصة إبراهيم آية من الآيات وفي قصة نوح وهود وصالح وشعيب وإبراهيم وغيرهم فيها آية من الآيات يجب أن تلتفتوا إليها، هذه واحدة. الثانية أن الله سبحانه وتعالى يبين لهؤلاء القوم (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) أن هذه الآيات الله سبحانه وتعالى (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (68)) وهذه كذبوا والله عز وجل عزيز والعزيز هو الغالب القوي ولكنه رحيم فلم يبادرهم بالهلاك ولم يعاجلهم بالهلاك وهذه أيضًا من الشيء الجميل في هذا. وفاتني قبل قليل في قوله (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ) لماذا تكررت؟ ذكرنا أحد الأسباب أن كل قصة من هذه القصص جديرة، لكن قد يقول قائل إنما حصل لقوم موسى عليه السلام أو لقوم فرعون إنما هو أمر طارئ أو إن ما حصل لعاد أو لثمود هو أمر طارئ فتكررت هذه آية وهذه آية وهذه آية ومن ثم لا يمكن أن تقولوا أو أن تزعموا أن هذا أمر طارئ هؤلاء جاءهم رسول فكذبوه فأهلكوا ولنقل أن هؤلاء إن قلتم إنها طبيعة ونحو ذلك وأنتم لا تؤمنون بالله عز وجل فماذا عن هؤلاء؟ فماذا عن هؤلاء؟ فماذا عن هؤلاء؟ إذن (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً) فهي آيات متعددة

د. عبد الرحمن: وأنتم تطلبون الآيات فأنتم لستم بدعًا عن هؤلاء. قصة إبراهيم في السورة فيها فوائد كثيرة وكذلك قصة موسى لكن فيما ذكره إبراهيم من أدب في قوله (قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ (74) قَالَ أَفَرَأَيْتُم مَّا كُنتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِّي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81)) أولًا في حجاج إبراهيم مع قومه وهذه تقدمت معنا في سورة الأنعام أسلوب إبراهيم في المجادلة والحجاج مع قومه وكيف يستفاد منه في الدعوة إلى الله؟ وأيضًا في أدبه في الدعاء في قوله (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80))

د. صالح: هنا جوانب كثيرة أولاها حديث عن الأصنام وحديث عن المعبود الواحد الأحد سبحانه وتعالى هم يعبدون أصنامًا كأن معنى كلامه أنتم تعبدون أصنامًا لا تخلق ولا تهدي ولا تطعم ولا تسقي ولا تشفي ولا تحيي ولا تميت أما أنا في المقابل فأنا أعبد الله سبحانه وتعالى الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يمتين ثم يحيين، هذه مسألة مهمة. الأمر الآخر وهي لفتة جميلة هذه الأوصاف ست كلمات جمعت البداية والنهاية وما تخلل ذلك من حياة الإنسان ابتداء من الخلق وإلى البعث وبين الخلق والبعث الهداية والطعام والشراب والشفاء والإماتة وقبل ذلك الخلق وبعد ذلك الإعادة والبعث. فهذه نحن ربما تمر علينا دون تأمل، نتأمل الاستدلال وكيف جمع هذه الأشياء كلها. ثم لاحظ كلمة (هو) هنا لم تأت في الآية الأولى (الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78)) لأنها معروفة ومسلّمة ولكن جاءت بعدها (وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81)) هذه من الأشياء المهمة. ثم انظر إلى أدبه، الله عز وجل هو الذي يمرض والله عز وجل هو الذي يشفي (قُلْ كُلًّ مِّنْ عِندِ اللّهِ (78) النساء) ولكن من الأدب أن لا ينسب الإنسان الشرّ إلى الله سبحانه وتعالى

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير