فإبراهيم عليه السلام لم يقل إذا أمرضني فهو يشفين وإنما قال (وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ) نسب المرض إلى نفسه وهذا كثير في القرآن وهو من باب أدب الأنبياء (الخير كله بيديك والشر ليس إليك) فلا ينبغي أن ينسب الشر إلى الله تعالى وإن كان هو المقدر والفاعل حقيقة.
د. عبد الرحمن: قصة أصحاب الأيكة لفت نظري أصحاب الأيكة هنا لماذا وصفوا بهذا الوصف؟ الذين هم قوم شعيب.
د. صالح: قبل أن نتجاوز قصة إبراهيم وقصة موسى أريد أن تتنبه إلى منهج الطغاة يعني منهج فرعون وكيف قابل موسى عليه السلام وتهديده له بالسجن وأيضًا مناهج ستأتي مثل منهج نوح عليه السلام تهديد قومه له بالرجم وتهديد قوم لوط له بالإخراج، دائمًا الطغاة يحاولون أن يواجهوا الحجة بالحجة فإن لم يجدوا حجة -وليس لهم حجة قطعًا- يلجأون إلى الطغيان (قَالَ لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ الْمَسْجُونِينَ (29)) (قَالَ لِمَنْ حَوْلَهُ أَلَا تَسْتَمِعُونَ (25)) يريد أن يشوه صورته عند الملأ وهكذا إبراهيم عليه السلام ما جرى لابراهيم من قذف به في النار لا شك أنه يحتاج لوقفات لكن الوقت ربما لا يسمح إنما نشير إلى منهج الطغاة في التعامل مع الدعاة، منهج مضطرد.
أما ما يتعلق بأصحاب الأيكة كثيرًا ما يطرح أن الله سبحانه وتعالى في قصة نوح وقصة صالح وقصة هود (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ (106)) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ (124)) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ (142)) (إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ (161)) مع أن لوطًا ما كان منهم ما كان من أهل الشام لكنه لأنه سكن بينهم فترة كان أخًا لهم ولذلك هددوه بالإخراج هذه مسألة مهمة ربما البعض لا يعلم لماذا هددوا لوطًا بالإخراج (قَالُوا لَئِن لَّمْ تَنتَهِ يَا لُوطُ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْمُخْرَجِينَ (167)) (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ (56) النمل) لأنه لم يكن أصلًا من هذه القرية، فهنا هددوه بالإخراج. لكن الله عز وجل لم يقل لم يقل أخوهم شعيب وهذه مسألة تحدث عنها العلماء
د. عبد الرحمن: مع أنه قال في مواضع أخرى قال (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا)
د. صالح: العلماء تحدثوا بأحد الوجهين: قال بعض العلماء أن أصحاب الأيكة هم ليسوا مدين وإنما بعث شعيب إلى أمتين إلى مدين وهم أهله وأصحابه ولذلك قال (وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْبًا (36) العنكبوت) وبعث أيضًا إلى أصحاب الأيكة ويستدلون بأشياء منها أن الله سبحانه وتعالى ذكر عذاب مدين في الأعراف وهود مرة ذكرهم بالصيحة مرة أخذتهم الصيحة ومرة أخذتهم الرجفة، الرجفة من الأرض والصيحة من السماء. أما أصحاب الأيكة فقد ذكر الله عز وجل بأنه قد أخذهم عذاب يوم الظلة فقالوا هؤلاء عذبوا بالصيحة والرجفة وهؤلاء عذبوا بعذاب يوم الظلة ومن هنا فهما أمّتان، هذا الوجه الأول. أما الوجه الثاني الذي يظهر والله أعلم أنه لم يقل أخوهم لأنه لم يقل مدين لم يذكرهم بإسمهم وإنما نسبهم للأيكة والأيكة هي الشجر الملتف وبعضهم يقول الغيضة فلم يقل كذبت مدين ويبدو أنهم كانوا يعبدون هذه الشجرة فنسبوا إليها فلما نسبوا إلى الشجرة لم يقل أخوهم وهذا الذي يظهر. وهناك وجه ثالث ذكره بعض العلماء وهو أن يكون قبيلتان في مكان واحد الطريقة واحدة والعذاب واحد ولكن هناك منهم مدين وهناك أصحاب الأيكة فاجتمعوا في مكان واحد فكان رسولًا إليهم جميعًا والذي يظهر لم نجد في سورة من سور القرآن أن الله عز وجل ذكر لنا مدين وأصحاب الأيكة في نفس السورة وهذا يدل على أنهم قوم واحد وهذا الذي رجحه ابن كثير.
د. عبد الرحمن: سؤال أخير في كتابة الأيكة هنا ليست مكتوبة (كَذَّبَ أَصْحَابُ لَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ) هل من سر في هذا؟
د. صالح: وردت الأيكة أربع مرات وردت في مرتين الأيكة بالألف واللام والهمزة (الأيكة) وفي موضعين وردت ليكة، اللفظ واحد لكن في هذا الموضوع قراءتان والرسم العثماني يكتب بما يتوافق مع القرآءات فهناك قرآءة لابن كثير ونافع وابن عامر (ليكة) وإذا كتبت الأيكة بالألف فلا يمكن أن تقرأها بهذه القرآءة فهذا لكي يتوافق مع القرآءات.
د. عبد الرحمن: إذن هذا توجيه متعلق بالقرآءات.
سؤال الحلقة
عن جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال كنا جلوسًا ليلة مع النبي صلى الله عليه وسلم فنظر إلى القمر ليلة أربعة عشرة فقال إنكم سترون ربكم كما ترون هذا لا تضامّون في رؤيته فإن استطعتم ألا تغلبوا على صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها فافعلوا ثم قرأ ... ، فما هي الآية من آيات الجزء السادس والعشرين التي قرأ منها النبي صلى الله عليه وسلم؟
ـ[أبو عاتكة]ــــــــ[06 Sep 2010, 12:44 م]ـ
جزاكم الله خيرا
هنا سبق قلم:
د. صالح: قبل أن نتجاوز قصة إبراهيم وقصة موسى أريد أن تتنبه إلى منهج الطغاة يعني منهج فرعون وكيف قابل نوحًا عليه السلام وتهديده له بالسجن
¥