تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الابتلاء أن يرمى به في النار فهذا هو غاية الابتلاء. ثم جاءت الإشارات بعد ذلك. قبل الحديث عن نوح عليه السلام هناك ابتلاء من نوع آخر ابتلاء من الوالدين ولذلك لاحظ أنه قال (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلَا تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ (8))، ما علاقة (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ (3)) و (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ)؟ لأن فيها (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) فذكر الابتلاء (وَإِن جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ) إذن هناك ابتلاء من قبل الوالدين وهذه الآية نزلت في عدد من الصحابة وكان منهم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أمه امتنعت عن الطعام والشراب وصممت على أن تموت حتى يعود إلى دينه الذي كان عليه لكنه صمم ونزلت الآية لتقول لا، طاعة الوالدين واجبة ومصاحبتهما بالمعروف واجبة حتى وإن كانا مشركين ولكن لا طاعة لهما في معصية الله عز وجل وفي الشرك بالله سبحانه وتعالى فتجد أن السورة تتحدث عن الابتلاء، والحقيقة لا بد أن نشير إلى هذه القاعدة وهذه المسألة المهمة وهي أن الابتلاء في طريق الدعوة إلى الله وفي طريق الإيمان بالله هو سُنة من سنن الله عز وجل يقول الله سبحانه وتعالى (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْاْ مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ الْبَأْسَاء وَالضَّرَّاء وَزُلْزِلُواْ حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللّهِ قَرِيبٌ (214) البقرة) – وفي قرآءة نافع حتى يقولُ الرسول- فتصور ابتلاء وزلزلة حتى أن الرسول من الرسل يقول متى نصر الله؟ هو ومن معه ينتظرون وهذا يدل على الشدة التي وصلوا إليها فلا يمكن أن تدخلوا الجنة إلا بمثل هذا (أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُواْ الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللّهُ الَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ (142) آل عمران) وهذا ما كان للأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين وهذا ما كان لمحمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم. أنت تصور النبي صلى الله عليه وسلم سيد البشرية على الإطلاق ومع ذلك يؤذى ويتآمر على قتله ويوضع السلا على ظهره وهو يصلي ويوضع الشوك في طريقه وتشج وجنته وتكسر رباعيته ويعاني كل هذه المعاناة! ولما خرج صلى الله عليه وآله وسلم تصور قائد الأمة قائد البشرية لما خرج إلى الطائف ماذا يصنع به؟ يؤمر السفهاء من الأطفال بأن يرمى بالحجارة حتى تدمى عقباه ويسيل الدم منه صلى الله عليه وسلم! كثير من الناس اليوم تغير عنده مفهوم الابتلاء وأصبح الابتلاء مسألة طارئة في حياة المؤمن وليس هذا بصحيح إنظر إلى سلف الأمة من بعض الصحابة رضي الله عنهم وقد ابتلي صهيب وعمار وبلال وسلمان وغيرهم وبعضهم قتل وسمية رضي الله عنها أول شهيدة في الإسلام من أجل دينها. لكن حتى العلماء البارزون المصلحون في هذه الأمة لو أن عالمًا من أعلام الأمة أُخذ إلى السجن لأصبحت مسألة غريبة! لكن الإمام أبو حنيفة ونبدأ به من حيث الزمن والإمام مالك والإمام الشافعي والإمام أحمد كل واحد من هؤلاء الأربعة ابتلي، الإمام أحمد عُذِّب وكان يُجلَد حتى سالت الدماء وتقرّح جسده من أجل أنه لم يقل كما قال المعتزلة في مسألة خلق القرآن، إمام مثل الإمام أحمد، أين الأمة؟! البعض يقول هذا لا يكون وهذا لا يزال في القرن الثالث الهجري. وكذلك مالك ضُرِب وجُلِد حتى خُلِعت يداه وكذلك أبو حنيفة مات في السجن.

د. عبد الرحمن: لعلنا نواصل الحديث عن علامات الابتلاء التي ذكرها الله في السورة بعد الفاصل.

د. عبد الرحمن: محور سورة العنكبوت الذي هو الابتلاء وأنه سنة ماضية في الأنبياء وفي أتابع الأنبياء إلى أن تقوم الساعة ثم ذكرت من علاماته الابتلاء بوالديه في أولها (وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا)

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير