تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

د. صالح: سبق ذلك التأصيل لمسألة الابتلاء (أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لَا يُفْتَنُونَ (2)) هذه تأصيل ثم (وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ) هذا خبر (فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ (3)) هذه كلها حقيقة لبيان أن الابتلاء كائن

د. عبد الرحمن: سبحان الله الآية الرابعة فيها إشارة إلى ما يعتقده كثير من الناس أن مسألة الدين ليس فيها ابتلاء ولا تمحيص فقال (أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ أَن يَسْبِقُونَا سَاء مَا يَحْكُمُونَ)

د. صالح: (وَمِنَ النَّاسِ مَن يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ فَإِذَا أُوذِيَ فِي اللَّهِ جَعَلَ فِتْنَةَ النَّاسِ كَعَذَابِ اللَّهِ (10)) هذه ابتلاء فبعض الناس يفهم أن هذا عذاب، لا، هذا ابتلاء. والابتلاء في الحقيقة هو نعمة يرفع الله عز وجل بها العبد درجات سواء كان هذا الابتلاء في المال أو الولد أو في الصحة أو بسبب الدين من عدو وهذا هو من اشد أنواع الابتلاء. واذكر ذلك الحديث الجميل الذي ذكره خباب بن الأرت لما جاؤوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يشكون "شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو متوسد بردة له في ظل الكعبة، فقلنا: ألا تستنصر لنا، ألا تدعو لنا؟ فقال: (قد كان من قبلكم، يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض، فيجعل فيها، فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيجعل نصفين، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه، فما يصده ذلك عن دينه، والله ليتمنّ هذا الأمر، حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت، لا يخاف إلا الله، والذئب على غنمه، ولكنكم تستعجلون) الراوي: خباب بن الأرت المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - لصفحة أو الرقم: 6943 - خلاصة حكم المحدث: [صحيح]. إبن مسعود رضي الله عنه يقول وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يحكي نبيًا من الأنبياء ضربه قومه حتى أسالوا الدم وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون، وهو النبي صلى الله عليه وسلم. بل قتل أنبياء قتلهم بنو إسرائيل، اليوم الخوف من عدم الابتلاء لكن الابتلاء ليس خارجًا عن سُنة الله عز وجل بل هي مسألة طبيعية. بالمناسبة أذكر أن ابن تيمية لما دخل السجن كان بسبب نصراني سبّ النبي صلى الله عليه وسلم فألّب عليه القوم فلما رجموا ذلك النصراني سُجِن من أجل النصراني، أريد أن اقول للناس أن ما يجري في زماننا اليوم من ابتلاء للمؤمنين ليس جديدًا ليس غريبًا كان موجودًا من قبل فلا تستغرب أن يقدّم الكافر أحيانًا عليك وأن يكّرم وأن يهان المسلم لدينه فهي سُنة ومن أراد أن يغير هذه السُنة فقد أخطأ، هي سنة ثابتة ولا بد من الابتلاء

د. عبد الرحمن: بل إنها علامة من علامات الإيمان إن شاء الله، إذا ابتلي الإنسان في عرضه أو دينه أو ماله

د. صالح: وبخاصة إذا كان من الكفار لأن الذي يحارب الكفار لا شك أن هذا دليل على إيمانه في الغالب وبخاصة إذا كان هذا من أجل الإيمان، نحن اليوم نستنكر أن يحاصر إخواننا في فلسطين ألم يحاصر النبي صلى الله عليه وسلم؟ هل كانت سياسته خاطئة عندما واجه الكفار ولم يتنازل لهم فأدى ذلك إلى حصار؟ كلا، لم تكن خاطئة. والله عز وجل يقول (وَلَن تَرْضَى عَنكَ الْيَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ (120) البقرة) فهذه سُنّة من سنن الله سبحانه وتعالى.

د. عبد الرحمن: من اللفتات المهمة التي لا نريد أن ننساها قول النبي صلى الله عليه وسلم أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل. ونلاحظ في قصص الأنبياء هنا أنهم ابتلوا في معظم شؤون الحياة ابتلي بقصة الإفك وابتلي في الدنيا بالحاجة وكان عليه الصلاة والسلام ربما يبيت الليالي وهو طاوٍ عليه الصلاة والسلام لا يجد ما يأكله وابتلي في أصحابه فقتوا من حوله وابتلي في أقاربه أبو لهب كذبه وابتلي بزوجته خديجة نلاحظ أنه شمل الابتلاء معظم حياته عليه الصلاة والسلام ومثله موسى وعيسى واتهمت مريم واتهمت عائشة فتلاحظ أنها سنة ماضية في أفاضل الأمم

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير