فإذا كان الكفار مخاطبون بالفروع فلم جاز لهم بيع أولادهم بإجماع الفقهاء مع أنه لا يجوز بيع الحر بإجماع العلماء و لكن لما كان الخطاب مخصص بالمسلمين خرج الكفار من حرمة بيع أولادهم و جاز الشراء منهم لأنهم كفار كما ذكر شيخ الإسلام رحمه الله و الكافر مباح الدم و المال للمسلمين و كذلك يقال في هبة أولادهم للمسلمين من غير مقابل.
ـ[العبدلي]ــــــــ[30 - 01 - 07, 02:26 م]ـ
باسم الله الرحمن الرحيم و الصلاة و السلام على سيد المرسلين سيدنا محمد و على آله و صحبه أجمعين أما بعد:
قال الأخ عبد الرحمن:
"و العلة في في مؤاخذتهم و عدم مطالبتهم أنهم متمكنون من تحقيق هذا الشرط و هو الإيمان و لكنهم أعرضوا عن تحصيله فلزم عقوبتهم على ترك كل ما تعلق بهذا الشرط و لم يلزم مطالبتهم به لعدم تحقق شرط الوجوب و هو الإيمان فإنه لا يقبل عمل إلا بإيمان و متى ما لم يتحقق الإيمان لم يطالب إلا بتحقيق الإيمان و مثاله وجوب الصلاة يتحقق بتحقق شروطها فلو أن أحدهم لم يتوضأ مع قدرته على الوضوء لا يطالب بالصلاة بل يطالب بالوضوء فإن توضأ يطالب بالصلاة أما يطالب بالصلاة مع عدم تحقق شرط الصلاة و هو الوضوء مع قدرته فهذا لا يجوز شرعا و كذلك يؤاخذ بتركه للصلاة و الوضوء لقدرته على الوضوء و الصلاة مع أنه ترك فقط الوضوء و لكن لما كان الوضوء ترتب عليه ترك الصلاة أخذ بكل ما يتعلق بترك الوضوء من العبادات فكذلك الإيمان شرط في العبادات فمتى لم يتحقق الشرط مع القدرة عليه لا يطالب بالعبادات من غير تحقق شرطها و كذلك يؤاخذ بكل العبادات التي تركها لتركه الشرط مع قدرته عليه فهذه حقيقة هذه المسألة.
فعلى هذا الأصل يجوز بيع ما كان مباحا في شرعنا من الحرير و غيره كالإسطوانات حتى لو علمنا أنهم يعملون بها بالحرام لأننا لا نأمرهم بترك الحرام و إنما نأمرهم بالإيمان فإن التزموا الإيمان نأمرهم بترك الحرام و فعل الواجب فيجوز لنا بيعهم العنب مثلا و إن علمنا أنهم يصنعون منه الخمر و يجوز لنا بناء بيوتهم و إن كنا نعلم أنهم يعملون فيها المنكرات لأن هذه الأمور ليست محرمة في ذاتها و إنما محرمة لوصفها و هذا الوصف الكفار غير مأمورين فيه لأنهم لم يحققوا شرط الإيمان و لكن لا يجوز لنا بيع الخمر لهم مثلا لأن الخمر محرم بيعه لذاته و لا يجوز لنا بيعهم التماثيل أو الدم أو غيرها من المحرمات لذاته."
قلت:يلزم من قولك:" و مثاله وجوب الصلاة يتحقق بتحقق شروطها فلو أن أحدهم لم يتوضأ مع قدرته على الوضوء لا يطالب بالصلاة بل يطالب بالوضوء".
أن المسلم الذي لا يريد أن يتوضأ يجوز لك التعاون معه في ترك الصلاة و هذا باطل فالملزوم باطل.
و أما تفريقك بين المحرم لذاته و المحرم لغيره في جواز بيعه للكفار فلا برهان عليه و ما كان هذا حاله فهو مردود قال تعالى قل هاتوا برهانكم إن كنتم صادقين.
بل إن قوله تعالى وتعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الاثم و العدوان يرد على ماقلته فهو عام لكل الناس مسلمين و كفارا فمن خصه فعليه أن ياتي بالدليل.
و أما توجيه الحديث فلا يكون إلا كالتالي و بالله تعالى التوفيق:
قال تعالى:خلق لكم ما في الأرض جميعا و قال: وقد فصل لكم ما حرم عليكم. وقال: و أحل الله البيع و حرم الربا.
فنحن على يقين أن كل شيء حلال إلا ما جاء النص على تحريمه.
و نحن على يقين أن ما حل تملكه فحلال بيعه.
و لا نزول عن هذا اليقين إلا بيقين.
فإن تيقنا بأن من نبيعه سلعة ما أنه سيستعملها في الحرام لم يجز ذلك و أما كما قال الأخ أن ننظر في حال المشتري و حال المسلمين اليوم فهذا أقصى درجاته أن يكون ظنا و إن الظن لا يغني من الحق شيئا.
و لذا قال أبو محمد بن حزم رحمه الله في المحلى:
"1542 مسألة ولا يحل بيع شئ ممن يوقن أنه يعصى الله به أو فيه وهو مفسوخ أبدا كبيع كل شئ ينبذ أو يعصر ممن يوقن أنه يعمله خمرا، وكبيع الدراهم الرديئة ممن يوقن أنه يدلس بها.
¥