تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كما يجوز العدول عن موضوع السؤال، أو الإمساك عن الجواب، إذا ترتب على الجواب فتنة للسائل؛ فقد قال ابن عباس رضي الله عنه لرجل سأله عن تفسير آية: وما يؤمنك أني لو أخبرتك بتفسيرها كفرت به؟ أي أنكرت هذا الحكم.

3 –الضابط الثالث: سلامة الفتوى من الغموض:

لما كانت الفتوى بياناً لحكم شرعي، وتحمل في طياتها تبليغه للسائل، وجب تقديمها بأسلوب مبين، وكلام واضح قويم؛ فقد أمر الله تعالى نبيه الكريم بالبلاغ المبين، فقال سبحانه: [وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ البَلاغُ المُبِينُ] (النور: 54). لذا كان من وضوح الفتوى: خلوها من المصطلحات التي يتعذر على المستفتي فهمها، وسلامتها من التردد في حسم القضية المسؤول عنها. غير أن هناك من يعمد إلى تضمين الفتوى عدة أقوال ليقحم فيها بعض الآراء الشاذة، وينشرها في الناس بدعوى التيسير والمرونة، فيسلط الأضواء عليها، ويلفت الأنظار إليها، ليُدخل في رُوع المستفتي أنها أقوال لا تقل شأناً عن غيرها، وله أن يختار ما شاء منها، فيدع من ثم الأقوال الصحيحة وينأى بنفسه عنها، ويعرض عما استقرت الأمة عليها، ويتشبث بما وجهت الفتوى الأنظار إليه؛ لأنه قد قيل له: أجمعت الأمة على أن الله تعالى لا يعذب على شيء اختلفت فيه الأئمة، فيصبح الإفتاء بما تواضع أهل العلم عليه، مستهجناً تتحرج الصدور من سماعه، وتضيق النفوس من بيانه؛ فإنا لله وإنا إليه راجعون.

ومما صدر من هذه الآراء الشاذة: «الفتوى الصادرة عن المجلس الأوروبي للإفتاء والبحوث التي ختمها بنقل القول بجواز بقاء المرأة على عصمة زوجها الكتابي إذا أسلمت وبقي على دينه، فقال: لا يجوز للزوجة عند المذاهب الأربعة بعد انقضاء عدتها البقاء عند زوجها، أو تمكينه من نفسها، ويرى بعض العلماء أنه يجوز لها أن تمكث مع زوجها بكامل الحقوق والواجبات الزوجية، إذا كان لا يضيرها في دينها وتطمع في إسلامه ... إلخ» (21). تصدر هذه الفتوى لتنسف كل ما عزته إلى المذاهب الأربعة من عدم جواز بقاء المرأة المسلمة عند زوجها الكتابي، أو تمكينه من نفسها، يقول المجلس: ويرى بعض العلماء أنه يجوز لها أن تمكث مع زوجها بكامل الحقوق والواجبات الزوجية إلخ، مدعماً ذلك ببعض الروايات، دون الإشارة إلى أن إعراض الأمة منذ قرون طويلة عن الأخذ بتلك الروايات الشاذة حتى ولو كانت صحيحة الإسناد يعتبر علة قادحة فيها، لا يحل نقلها إلا للرد عليها؛ فما بالك بترويجها ولفت الأنظار إليها! فلا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

وللحديث بقية إن شاء الله تعالى

( http://wafa.com.sa/ )

ـ[أبو مالك السعيد العيسوي]ــــــــ[27 - 07 - 10, 04:04 م]ـ

الجزء الثاني:

حذرنا في الجزء الأول من هذه الدراسة من خطورة ظاهرة الجرأة على الفتوى التي بدأت تنتشر في عدد من المجتمعات في الآونة الأخيرة، فبتنا نرى من استباح الاختلاط, ومن قال بجواز بقاء المرأة على عصمة زوجها الكتابي إذا أسلمت وبقي على دينه, ومن حلل الغناء, ومن مطالب بعدم غلق المحلات التجارية للصلوات، وأوضحنا بعضا من الضوابط التي ينبغي أن يلتزك بها من يتصدر للفتوى وخلال هذا الجزء نكمل هذه الضوابط، مشيرين إلى الشروط الواجب توافرها في المفتي.

4 – الضابط الرابع: مراعاة الحال، والزمان، والمكان:

إن من ضوابط الفتوى مراعاتها للحال، والزمان، والمكان؛ إذ قد تتغير الفتوى بتغير الزمان والمكان إذا كان الحكم مبنياً على عرف بلدٍ، ثم تغير هذا العرف إلى عرف جديد ليس مخالفاً لنص شرعي.

الأول: أن يكون الحكم مبنياً على عرف، كتعارف أهل بلد على ألفاظ محددة يوقعون بها الطلاق، فتراعى هذه الألفاظ بالنسبة إلى أهل ذلك المكان، وتترتب عليها الأحكام.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير