تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[07 - 09 - 06, 09:42 ص]ـ

أحسن الله إليكم ونفع بكم ... فقد كفيتم ووفيتم ... والمائدة من صنع الجميع ... وأخوكم لقصوره وتقصيره من أكثر المغترفين منها ... وقد كانت استفادته من مشاركاتكم جميعا عظيمة والحمد لله.

======================

وقال فاضل: ( ... فاذا استوفى المجتهد الاشتراط من اجل جعل القضية المطروحة اكثر قبولا مال الى فهم الواقع المحيط وهي محاولة قد تسبق الاشتراط ايضا وعبر فهم الواقع يستطيع ان يكون اكثر دقة في التشخيص والافتاء بما يناسب ذلك.

وهذا الاصطلاح قديم ليس بالمستحدث كما يتبادر الى الذهن وقد ورد في كلام ابن القيم والممارس للفقه يفرح حين يكتشف اصالة اصطلاحاته.

قال رحمه الله (ولا يتمكن المفتي ولا الحاكم من الفتوى والحكم بالحق إلا بنوعين من الفهم أحدهما فهم الواقع والفقه فيه واستنباط علم حقيقة ما وقع بالقرائن والأمارات والعلامات حتى يحيط به علما والنوع الثاني فهم الواجب في الواقع وهو فهم حكم الله الذي حكم به في كتابه أو على لسان رسوله في هذا الواقع ثم يطبق أحدهما على الآخر فمن بذل جهده واستفرغ وسعه في ذلك لم يعدم أجرين أو أجرا فالعالم من يتوصل بمعرفة الواقع والتفقه فيه إلى معرفة حكم الله ورسوله).

ولست أشبه حاجة فقه الدعوة الى الخبير بامر الواقع ودقائق الحياة اليومية الدعوية والعامة الا بما قاله ابن القيم في وجوب الخبرة الزراعية لمن يفتي من الفقهاء في قضايا الزروع بفتاوى ربما تجلب الضرر والمشقة على الزارع نفسه وعلى المتعاملين معه وبخاصة في بيع المغيبات في الارض كالبصل والجزر.

قال مستنكرا قولا لبعض من لا خبرة لهم من المانعين ذلك بحجة انه غرر ومجهول ( ... فالمفتون بهذا القول لو بلوا بذلك في حقولهم أو ما هو وقف عليهم ونحو ذلك لم يمكنهم إلا بيعه في الأرض ولابد أو اتلافه وعدم الانتفاع به وقول القائل ان هذا غرر ومجهول فهذا ليس حظ الفقيه ولا هو من شأنه وإنما هذا من شأن أهل الخبرة بذلك فإن عدوه قمارا أو غررا فهم أعلم بذلك وإنما حظ الفقيه يحل كذا لأن الله أباحه ويحرم كذا لأن الله حرمه وقال الله وقال رسوله وقال الصحابة وأما أن يرى هذا خطرا وقمارا أو غررا فليس من شأنه بل أربابه أخبر بهذا منه والمرجع إليهم فيه كما يرجع إليهم في كون هذا الوصف عيبا أم لا وكون هذا البيع مربحا أم لا وكون هذه السلعة نافقة في وقت كذا وبلد كذا ونحو ذلك من الأوصاف الحسية والأمور العرفية ... ).

أقول فالممارس لفقه الدعوة انما هو فقيه وداعية معا ولا يصلح للخوض فيه من ليست عنده خبرة الدعاة ولا له معاناتهم وتقلبهم بين اصناف الناس او من لم يجرب الامر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن لم يرفع الغطاء عما استتر في زوايا السياسة او لم يصدح بحجج الايمان في منتديات الفكر فاصابة القول في فقه الدعوة انما هي حكر على من عانى معاناة الدعاة وذاق الارق واحصى نجوم الضحى وكوت قلبه اللذعات ولا يوهل المترف رائد الكتب وحبيس المكتبات لشئ من ذلك الا لمما كما لا يوهل له اخر من العلماء الرسميين الذين تحركهم الطلبات فيظهر في التلفزيون يلوك لسانه قضايا فقه الدعوة هو عنها بمعزل ولها غير ممارس وكل همه ان يسب التطرف سبعين مرة ليرضي الذين انطقوه.

واليوم اصبح علم الواقع اهم بكثير مما كان في القرون الاولى لان الحياة في كل جوانبها اصبحت معقدة سواء فيما يخص الفقه العام كالافتاء في قضايا التامين والبورصات والشركات التي فيها من الدقائق ما لا يعرفه صاحب الاهتمام الشرعي الا اذا اعانه خبير اقتصادي ومالي او فيما يخص فقه الدعوة والسياسة اذ اختلطت الموثرات العالمية والمحلية وتشابكت وتعددت انواع الاحزاب والقوى المتنافسة وبتنا نشهد صراع الخطط والاستراتيجيات المتعاكسة وكثير منها خفي في عداد الاسرار وبات الفقيه الدعوي بحاجة الى تقارير من مركز دراسات اسلامي تصف واقع البلد والامة بعامة وتحلل جذور القضايا الظاهرة وتتفرس في المستقبل وعندئذ تكون فتوى الفقيه واجتهاداته متناسبة مع حقائق الواقع وآخر التطورات واصبح الافتاء الدعوى اقرب ان يكون عملية جماعية من ان يكون فرديا وخرجت الفتوى عن ان تكون مجرد احاطة بمدارك الشرع الى ان تكون محيطة بمدارك السياسة والتنظيم والاعلام والتربية ... ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير