تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَقُولُ فَالْمُمَارِسُ لِفِقْهِ الدَّعْوَةِ إنَّمَا هُوَ فَقِيهٌ وَدَاعِيَةٌ مَعًا، وَلَا يَصْلُحُ لِلْخَوْضِ فِيهِ مَنْ لَيْسَتْ عِنْدَهُ خِبْرَةُ الدُّعَاةِ، وَلَا لَهُ مُعَانَاتُهُمْ وَتَقَلُبُهُمْ بَيْنَ أَصْنَافِ النَّاسِ، أَوْ مَنْ لَمْ يُجَرِّبْ الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنِ الْمُنْكَرِ، وَمَنْ لَمْ يَرْفَعِ الْغِطَاءَ عَمَّا اسْتُتِرَ فِي زَوَايَا السِّيَاسَةِ، أَوْ لَمْ يَصْدَحْ بِحُجَجِ الْإِيمَانِ فِي مُنْتَدَيَاتِ الْفِكْرِ، فَإِصَابَةُ الْقَوْلِ فِي فِقْهِ الدَّعْوَةِ إِنَّمَا هِيَ حَكْرٌ عَلَى مَنْ عَانَى مُعَانَاةَ الدُّعَاةِ، وَذَاقَ الْأَرَقَ، وَأَحْصَى نُجُومَ الضُّحَى، وَكَوَتْ قَلْبَهُ الْلَّذَعَاتُ، وَلَا يُؤَهَّلُ الْمُتْرِفُ رَائِدُ الْكُتُبِ وَحَبِيسُ الْمَكْتَبَاتِ لِشَئٍ مِنْ ذَلِكَ إلَّا لمَمَاً، كَمَا لَا يُؤَهَّلُ لَهُ آخَرُ مِنَ الْعُلَمَاءِ الرَّسْمِيِّيِنَ الَّذِينَ تُحَرِكُهُمُ الطَّلَبَاتُ، فَيَظْهَرَ فِي التِّلْفِزْيُونِ يَلُوكُ لِسَانَهُ قَضَايَا فِقْهِ الدَّعْوَةِ هُوَ عَنْهَا بِمَعْزِلٍ، وَلَهَا غَيْرُ مُمَارِسٍ، وَكُلُّ هَمِّهِ أَنْ يَسُبَّ التَّطَرُّفَ سَبْعِينَ مَرَّةً لِيُرْضِيَ الَّذِينَ أَنَطَقُوهُ.

وَالْيَومَ أَصْبَحَ عِلْمُ الْوَاقِعِ أَهَمَّ بِكَثِيرٍ مِمَا كَانَ فِي الْقُرُونِ الْأُولَى، لِأَنَّ الْحَيَاةَ فِي كُلِّ جَوَانِبِهَا أَصْبَحَتْ مُعَقَّدَةً، سَوَاءً فِيمَا يَخُصُّ الْفِقْهَ الْعَامَ، كَالإِفْتَاءِ فِي قَضَايَا التَّأمِينِ وِالْبُورْصَاتِ وَالشَّرِكَاتِ الَّتِي فِيهَا مِنَ الدَّقَائِقِ مَا لَا يَعْرِفُهُ صَاحِبُ الْإِهْتِمَامِ الشَّرْعِيِّ إِلَّا إِذَا أَعَانَهُ خَبِيرٌ اقْتِصَادِيٌّ وَمَالِيٌّ، أَوْ فِيمَا يَخُصُّ فِقْهَ الدَّعْوَةِ وَالسِّيَاسَةِ إِذْ اخْتَلَطَتِ الْمُؤَثِرَاتُ العَالَمِيَّةُ وَالْمَحَلِيَّةُ، وَتَشَابَكَتْ وَتَعَدَّدَتْ أَنْوَاعُ الْأَحْزَابِ وَالْقُوَى الْمُتَنَافِسَةِ، وَبِتْنَا نَشْهَدُ صِرَاعَ الْخُطَطِ وَالْاسْتِرَاتِيجِيَاتِ الْمُتَعَاكِسَةِ وَكَثِيرٍ مِنْهَا خَفِيَ فِي عِدَادِ الْأَسْرَارِ، وَبَاتَ الْفَقِيهُ الدَّعَوِيُّ بِحَاجَةٍ إِلَى تَقَارِيرٍ مِنْ مَرْكَزِ دِرَاسَاتٍ إِسْلَامِيٍّ، تَصِفُ وَاقِعَ الْبَلَدِ وَالْأُمَةِ بِعَامَّةٍ، وَتُحَلِّلُ جُذُورَ الْقَضَايَا الظَّاهِرَةِ، وَتَتَفَرَّسُ فِي الْمُسْتَقْبَلِ، وَعِنْدَئِذٍ تَكُونُ فَتْوَى الْفَقِيهِ وَاجْتِهَادَاتِهِ مُتَنَاسِبَةً مَعَ حَقَائِقِ الْوَاقِعِ وَآخِرِ التَّطَوُّرَاتِ، وَأَصْبَحَ الْإفْتَاءُ الدَّعَوِيُّ أَقْرَبَ أَنْ يَكُونَ عَمَلِيَّةً جَمَاعِيَّةً مِن أَنْ يَكُونَ فَرْدِيًّا، وَخَرَجَتِ الْفَتْوَى عَنْ أَنْ تَكُونَ مُجَرَّدَ إِحَاطَةٍ بِمَدَارِكِ الشَّرْعِ إِلَى أَنْ تَكُونَ مُحِيطَةً بِمَدَارِكِ السِّيَاسَةِ وَالتَّنْظِيمِ وَالإِعْلَامِ وَالتَّرْبِيَةِ ... ).]

ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[15 - 09 - 06, 05:29 م]ـ

وفق الله الجميع لما يحب ويرضى.

ما لونته بالحمرة يحتاج إلى اعادة نظر ... وما تحته خط فأمره محتمل.

جزاكم الله خيرا

لقد كنت ارجو ان يسبقني احد في تشكيل النص، ولكن يبدو أن الإخوة الأفاضل منشغلون.

ولعلهم أرادوا تقديم خدمة للمبدئات أمثالي ليتعلمن من هذه الساحة، فجزاهم الله خيرا، وإن كنت أتمنى أن يشاركوا لأستفيد منهم.

هذه محاولتي المخرّقة، والله المستعان

[وَقَالَ فَاضِلٌ: ( ... فَإِذَا اسْتَوْفَى الْمُجْتَهِدُ الاشْتِرَاطَ مِنْ أَجْلِ جَعْلِ الْقَضِيَةِ الْمَطْرُوحَةِ أَكْثَرُ قَبُولًا، مَالَ إِلى فَهْمِ الْوَاقِعِ الْمُحِيطِ، وَهِيَ مُحَاوَلَةٌ قَدْ تَسْبِقُ الاشْتِرَاطَ أَيْضًا، وَعَبْرَ فَهْمِ الْوَاقِعِ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَكُونَ أَكْثَرَ دِقَةً فِي التَّشْخِيصِ وَالإِفْتَاءِ بِمَا يُنَاسِبُ ذَلِكَ.

وَهَذَا الاصْطِلَاحُ قَدِيمٌ لَيْسَ بِالْمُسْتَحْدَثِ كَمَا يَتَبَادَرُ إِلى الذِّهْنِ، وَقَدْ وَرَدَ فِي كَلَامِ ابْنِ القَيِّمِ، وَالْمُمَارِسُ لِلْفِقْهِ يَفْرَحُ حِينَ يَكْتَشِفُ أَصَالَةَ اصْطِلَاحَاتِهِ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير