وَهَدَانَا إِلَيْهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْلَّهَ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَ عَبْدًا بِمَعْرِفَتِهِ، وَيَجْمَعَ قَلْبَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ شَرَحَ صَدْرَهُ لِقَبُولِ صِفَاتِهِ الْعُلَى وَتَلَقِّيهَا مِنْ مِشْكَاةِ الْوَحْي، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا قَابَلَهُ بِالْقَبُولِ وَتَلَقَّاهُ بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ وَأَذْعَنَ لَهُ بِالِانْقِيادِ فَاسْتَنَارَ بِهِ قَلْبُهُ وَاتَّسَعَ لَهُ صَدْرُهُ وَامْتَلَأَ بِهِ سُرُورًا وَمَحَبَّةً، فَعَلِمَ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ مِنْ تَعْرِيفَاتِ الْلَّهِ تَعَالَى تَعَرَّفَ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، فَأَنْزَلَ تِلْكَ الصِّفَةَ مِنْ قَلْبِهِ مَنْزِلَةَ الْغِذَاءِ أَعْظَمَ مَا كَانَ إِلَيْهِ فَاقَةً وَمَنْزِلَةَ الشِّفَاءِ أَشَدَّ مَا كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةً، وَسَكَنَ إِلَيْهَا قَلْبُهُ فَجَالَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ فِي مَيَادِينِها، وَأَسَامَ عَيْنَ بَصِيرَتِهِ فِي رِيَاضِهَا وَبَسَاتَينِها لِتَيَقُّنِهِ بِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ تَابِعٌ لِشَرَفِ مَعْلُومِهِ، وَلَا مَعْلُومَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَهُوَ ذُو الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى، وَأَنَّ شَرَفَهُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَتْ حَاجَةُ الْأَرْوَاحِ قَطُّ إِلَى شَيْءٍ أَعْظَمَ مِنْهَا إِلَى مَعْرِفَةِ بَارِيهَا وَفَاطِرِهَا وَمَحَبَّتِهِ وَذِكْرِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ، وَطَلَبِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْهِ وَالزُّلْفَى عِنْدَهُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى هَذَا إِلَّا بِمَعْرِفَةِ أَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ بِهِا أَعْلَمَ كَانَ بِالْلَّهِ أَعْرَفَ وَلَهُ أَطْلَبَ وَإِلَيْهِ أَقْرَبَ، وَكُلَّمَا كَانَ لَهَا أَنْكَرَ كَانَ بِالْلَّهِ أَجْهَلَ وَإِلَيْهِ أَكْرَهَ وَمِنْهُ أَبْعَدَ.))
انتهيت هنا حرصًا على وقت الإخوة الذين سيبينون لي أخطائي، فأنا أعلم أن أخطائي كثيرة، ونكمل فيما بعد إن شاء الله.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
الخطأ الوحيد عندك هو في جملتك الأخيرة (أخطائي كثيرة)!!
فلا يوجد أخطاء مطلقا في القطعة، ما شاء الله تبارك الله.
وأما (بساتينها) فهي سبق قلم ولا شك.
وأما (عرفناه) فلا أميل إلى هذا الضبط، ولكني لا أقطع بخطئه.
ـ[احمد الفاضل]ــــــــ[05 - 04 - 07, 03:01 ص]ـ
جزاكم الله خيرا
ـ[ابن نُباتة السعدي]ــــــــ[05 - 04 - 07, 06:10 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
أخي العالِم الكريم/ أبا مالك
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسأل الله أن يجزيك ويجزي جميع الإخوة الفضلاء عني خيراً، وأسأله سبحانه أن يبارك لكم في أعماركم وأوقاتكم وأرزاقكم وعلومكم.
((جُزْءٌ ثَالِثٌ مِنَ النُّونِيّةِ
وَالْلَّهُ تَعَالَى يُنْزِلُ الْعَبْدَ مِنْ نَفْسِهِ حَيْثُ يُنْزِلُهُ الْعَبْدُ مِنْ نَفْسِهِ، فَمَنْ كَانَ لِذِكْرِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ مُبْغِضًا، وَعَنْهَا نَافِرًا مُنَفِّرًا، فَالْلَّهُ لَهُ أَشَدُّ بُغْضًا، وَعَنْهُ أَعْظَمُ إِعْرَاضًا، وَلَهُ أَكْبَرُ مَقْتًا، حَتَّى تَعُودَ الْقُلُوبُ إِلَى قَلْبَيْنِ: قَلْبٌ ذِكْرُ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ قُوُتُهُ وَحَيَاتُهُ وَنَعِيمُهُ وَقُرَّةُ عَيْنِهِ، لَوْ فَارَقَهُ ذِكْرُهَا وَمَحَبَّتُهَا لَحْظَةً لَاسْتَغَاثَ. يَا مُقَلِّبَ الْقُلُوبِ ثَبِّتْ قَلْبِي عَلَى دِينِكَ، فَلِسَانُ حَالِهِ يَقُولُ:
يُرَادُ مِنَ الْقَلْبِ نِسْيَانُكُمْ ×××××× وَتَأْبَى الطِّبَاعُ عَلَى النَّاقِلِ
وَيَقُولُ:
وَإِذَا تَقَاضَيْتَ الْفُؤَادَ تَنَاسِيًا ×××××× أَلْفَيْتَ أَحْشَائِي بِذَاكَ شِحَاحَا
وَيَقُولُ:
إِذَا مَرِضْنَا تَدَاوَيْنَا بِذِكْرِكُمُ ×××××× فَنَتْرُكُ الذِّكْرَ أَحْيَانًا فَنَنْتَكِسُ
وَمِنَ الْمُحَالِ أْنْ يَذْكُرَ الْقَلْبُ مَنْ هُوَ مُحَارِبٌ لِصِفَاتِهِ، نَافِرٌ عَنْ سَمَاعِهَا، مُعْرِضٌ بِكُلِّيَّتِهِ عَنْهَا زَاعِمٌ أَنَّ السَّلَامَةَ فِي ذَلِكَ. كَلَّا وَالْلَّهِ إِنْ هُوَ إِلَّا الْجَهَالَةُ والْخِذْلَانُ، والْإِعْرَاضُ عَنْ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ، فَلَيْسَ الْقَلْبُ الصَّحِيحُ قَطُّ إِلَى شَيْءٍ أَشْوَقَ مِنْهُ إِلَى مَعْرِفَةِ رَبِّهِ تَعَالَى وَصِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ وَأَسْمَائِهِ، وَلَا أَفْرَحَ بِشَيْءٍ قَطُّ كَفَرَحِهِ بِذَلِكَ، وَكَفَى بِالْعَبْدِ عَمًى وَخِذْلَانًا أَنْ يُضْرَبَ عَلَى قَلْبِهِ سُرَادِقُ الْإِعْرَاضِ عَنْهَا والنَّفْرَةِ وَالتَّنْفِيرِ والِاشْتِغَالِ بِمَا لَوْ كَانَ حَقًا لَمْ يَنْفَعْ إِلَّا بَعْدَ مَعْرِفَةِ الْلَّهِ وَالْإيمَانِ بِهِ وَبِصِفَاتِهِ وَأَسْمَائِهِ.))
إخواني الفضلاء، بماذا تنصحونني؟ فأنا كثير السهو، أقرأ الخطأ صواباً في كثير من الأحيان.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
¥