تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ الْلَّهَ -جَلَّ ثَنَاؤُهُ وَتَقَدَّسَتْ أَسْمَاؤُهُ- إِذَا أَرَادَ أَنْ يُكْرِمَ عَبْدًا بِمَعْرِفَتِهِ، وَيَجْمَعَ قَلْبَهُ عَلَى مَحَبَّتِهِ شَرَحَ صَدْرَهُ لِقَبُولِ صِفَاتِهِ الْعُلَى وَتَلَقِّيهَا مِنْ مِشْكَاةِ الْوَحْي، فَإِذَا وَرَدَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْهَا قَابَلَهُ بِالْقَبُولِ وَتَلَقَّاهُ بِالرِّضَا وَالتَّسْلِيمِ وَأَذْعَنَ لَهُ بِالِانْقِيادِ فَاسْتَنَارَ بِهِ قَلْبُهُ وَاتَّسَعَ لَهُ صَدْرُهُ وَامْتَلَأَ بِهِ سُرُورًا وَمَحَبَّةً، فَعَلِمَ أَنَّهُ تَعْرِيفٌ مِنْ تَعْرِيفَاتِ الْلَّهِ تَعَالَى تَعَرَّفَ بِهِ عَلَى لِسَانِ رَسُولِهِ، فَأَنْزَلَ تِلْكَ الصِّفَةَ مِنْ قَلْبِهِ مَنْزِلَةَ الْغِذَاءِ أَعْظَمَ مَا كَانَ إِلَيْهِ فَاقَةً وَمَنْزِلَةَ الشِّفَاءِ أَشَدَّ مَا كَانَ إِلَيْهِ حَاجَةً، وَسَكَنَ إِلَيْهَا قَلْبُهُ فَجَالَ مِنَ الْمَعْرِفَةِ فِي مَيَادِينِها، وَأَسَامَ عَيْنَ بَصِيرَتِهِ فِي رِيَاضِهَا وَبَسَاتَينِها لِتَيَقُّنِهِ بِأَنَّ شَرَفَ الْعِلْمِ تَابِعٌ لِشَرَفِ مَعْلُومِهِ، وَلَا مَعْلُومَ أَعْظَمُ وَأَجَلُّ مِمَّنْ هَذِهِ صِفَتُهُ، وَهُوَ ذُو الْأَسْمَاءِ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتِ الْعُلَى، وَأَنَّ شَرَفَهُ أَيْضًا بِحَسَبِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ، وَلَيْسَتْ حَاجَةُ الْأَرْوَاحِ قَطُّ إِلَى شَيْءٍ أَعْظَمَ مِنْهَا إِلَى مَعْرِفَةِ بَارِيهَا وَفَاطِرِهَا وَمَحَبَّتِهِ وَذِكْرِهِ وَالِابْتِهَاجِ بِهِ، وَطَلَبِ الْوَسِيلَةِ إِلَيْهِ وَالزُّلْفَى عِنْدَهُ، وَلَا سَبِيلَ إِلَى هَذَا إِلَّا بِمَعْرِفَةِ أَوْصَافِهِ وَأَسْمَائِهِ، فَكُلَّمَا كَانَ الْعَبْدُ بِهِا أَعْلَمَ كَانَ بِالْلَّهِ أَعْرَفَ وَلَهُ أَطْلَبَ وَإِلَيْهِ أَقْرَبَ، وَكُلَّمَا كَانَ لَهَا أَنْكَرَ كَانَ بِالْلَّهِ أَجْهَلَ وَإِلَيْهِ أَكْرَهَ وَمِنْهُ أَبْعَدَ.))

انتهيت هنا حرصًا على الوقت الإخوة الذين سيبينون لي أخطائي، فأنا أعلم أن أخطائي كثيرة، ونكمل فيما بعد إن شاء الله.

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[02 - 04 - 07, 05:13 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أساتذتي ومشايخي الكرام

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

وبعد فهذا هو الجزء الثاني من خطبة نونية ابن قيّم الجوزية، فلا تحرموني من توجيهاتكم.

((وَقَدِ اسْتَنَدَ كُلُّ قَوْمٍ إِلَى ظُلَمِ آرَائِهِمُ وَحَكَمُوا عَلَى اللَّهِ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- بِمَقَالَاتِهِمُ الْبَاطِلَةِ وَأَهْوَائِهِمُ، وَلَيْلُ الْكُفْرِ مُدْلَهِمٌّ ظَلَامُهُ، شَدِيدٌ قَتَامُهُ، وَسُبُلُ الْحَقِّ عَافِيَةٌ آثَارُهَا مَطْمُوسَةٌ أَعْلَامُهَا، فَفَلَقَ اللَّهُ -سُبْحَانَهُ- بِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- صُبْحَ الْإِيمَانِ، فَأَضَاءَ حَتَّى مَلَأَ الْآفَاقَ نُورًا، وَأَطْلَعَ بِهِ شَمْسَ الرِّسَالَةِ فِي حَنَادِسِ الظُّلَمِ سِرَاجًا مُنِيرًا، فَهَدَى اللَّهُ بِهِ مِنَ الضَّلَالَةِ، وَعَلَّمَ بِهِ مِنَ الْجَهَالَةِ، وَبَصَّرَ بِهِ مِنَ الْعَمَى، وأَرْشَدَ بِهِ مِنَ الْغَيِّ، وَكَثَّرَ بِهِ بَعْدَ الْقِلَّةِ، وَأَعَزَّ بِهِ بَعْدَ الذِّلَّةِ، وَأَغْنَى بِهِ بَعْدَ الْعَيْلَةِ، وَاسْتَنْقَذَ بِهِ مِنَ الْهَلَكَةِ، وَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا، فَبَلَّّغَ الرِّسَالَةَ، وَأَدَّى الْأَمَانَةَ، وَنَصَحَ الْأُمَّةَ، وَكَشَفَ الْغُمَّةَ، وَجَاهَدَ فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ، وَعَبَدَ اللَّهَ حَتَّى أَتَاهُ الْيَقِينُ مِنْ رَبِّه وَشَرَحَ اللَّهُ لَهُ صَدْرَهُ، وَرَفَعَ لَهُ ذِكْرَهُ وَوَضَعَ عَنْهُ وِزْرَهُ، وَجَعَلَ الذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ، وَأَقْسَمَ بِحَياتِهِ فِي كِتَابِهِ الْمُبِينِ، وَقَرَنَ اسْمَهُ بِاسْمِهِ فَإِذَا ذُكِرَ ذُكِرَ مَعَهُ كَمَا فِي الْخُطَبِ والتَّشَهُّدِ والتَّأْذِينِ، فَلا يَصِحُّ لِأَحَدٍ خُطْبَةٌ وَلَا تَشَهُّدٌ وَلَا أَذَانٌ وَلَا صَلَاةٌ حَتَّى يَشْهَدَ أَنَّهُ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ شَهَادَةَ الْيَقِينِ، وَصَلَّى اللَّهُ وَمَلائِكَتُهُ وَأَنْبِياؤُهُ وَرُسُلُهُ وَجَمِيعُ خَلْقِهِ عَلَيْهِ، كَمَا عَرَفْنَاهُ بِاللِّهِ

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير