[شرح المفصل للزمخشري]
ـ[أبوحاتم المصري]ــــــــ[24 - 11 - 06, 07:01 م]ـ
هذا شرح لطيف علقته على كتاب المفصل لأبي القاسم الزمخشري أرفعه إليكم في هذه الصفحة بشكل دوري مستمدا من الله فيه العون وملتمسا في إتمامه التوفيق ومتحريا فيه نفع إخواني من طلبة العلم والمتحققين بأوصاف أهله والله المستعان وعليه التكلان.
ـ[أبوحاتم المصري]ــــــــ[24 - 11 - 06, 07:19 م]ـ
مقدمة
أما بعد ..
فهذا شرح لطيف مختصر على كتاب المفصل في النحو لصاحبه العلامة رأس البلاغة أبي القاسم جار الله محمود بن عمر الزمخشري المنسوب إلى زَمَخْشَر و هي قريةٌ من قرى خُوَارَزْم ولد بها سنة سبعٍ و ستين و أربعمائة و لهذا يقال في نسبه الزمخشري الخوارزمي.
رحل إلى بغداد و خراسان وغيرهما و سمع في بغداد من نَصْرِ بن البَطَرِ و غيرِه و ضُّعِّفَ في الحديثِ لكونه داعيةً إلى نحلة أهل الاعتزال بل كان رأس المعتزلة في عصره، و رغم ذلك فلم يكن هذا موجبًا لهجر نتاجه الفكري اللغوي فالرجل و إن كان معتزليًا مبتدعًا فقد كان فيه صلاحٌ و عبادة و اتُفِقَ على إمامتِه في اللغة و سعةِ علمِه و معرفتِه بعلومِ العربية، قال السمعاني: برع في الآداب وصنف التصانيف و ورد العراق وخراسان و ما دخل بلدًا إلا واجتمعوا عليه وتتلمذوا له وكان علَّامةً نسابةً جاور مدة حتى هبت على كلامه رياح البادية اه.
و لم يزل العلماءُ يديمون النظر في كتبه و يعولون عليها و لم أعلم أن أحدًا من أهل العلم كان ينهى عن قراءة كتبه و مطالعتها وإنما كانوا يُحَذِّرون من كشَّافِه في التفسير لأنه شحنه ببدع المعتزلة و تأويلات الجهمية.
قال الإمام أبو محمد بن أبي حمزة في شرح البخاري له لما ذكر قوما من العلماء يغلطون في أمور كثيرة قال: ومنهم من يرى مطالعة كتاب الزمخشري – يعني الكشاف - ويؤثره على غيره من السادة كابن عطية ويسمى كتابه الكشاف تعظيما له قال: والمناظر في الكشاف إن كان عارفا بدسائسه فلا يحل له أن ينظر فيه لأنه لا يأمن الغفلة فتسبق إليه تلك الدسائسُ وهو لا يشعر أو يحملُ الجهالَ بنظره فيه على تعظيمه ... قال: وإن كان غيرَ عارف بدسائسه فلا يحل له النظر فيه لأن تلك الدسائسَ تسبقُ إليه وهو لا يشعر فيصيرُ معتزليًا مرجئًا اه.
والحقُّ أنه لا يجوزُ للشبيبةِ الأغمار، ممن لا دراية لهم بالسنن و الأخبار، و لا لهم معرفةٌ بمآخذ و خلافات النُّظَّار - أن يديروا النظرَ فيه لأن مثلهم لا يُؤْمَن منهم الغفلةُ فتنطلي عليهم شبهُه و تدخل عليهم دسائسُه، و أما من رسخت قدمُه في العلم و كانت له دراية واسعة بالسنن و مقالات الناس و مواضع الاتفاق و الاختلاف فلا يُخْشَى على أمثالهم منه.
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وأما التفسير فقد أُولعَ الناس به وبحثوا عليه وبينوا دسائسَه وأفردوها بالتصنيفِ ومن رسُخت قدمه في السنة وقرأ طرفًا من اختلاف المقالات انتفع بتفسيرِه و لم يضرَّه ما يخشى من دسائسِه اه.
و أما كتبه الأخرى فهي كثيرة نافعة و متداولة و من أحاسنها كتاب أساس البلاغة و هو كتاب كبير الحجم عظيم الفحوى من أركان فن الأدب بل هو أساسه ذكر فيه المجازات اللغوية والمزايا الأدبية وتعبيرات البلغاء على ترتيب موادها.
و كتابه الفائق في غريب الحديث من أنفس الكتب لجمعه المتفرق في مكانٍ واحد مع حسن الاختصار و صحة النقل.
و أما كتابه المفصل في علم النحو و الذي نحن بصدد شرحه فهو كتاب عظيم القدر رفيع المنزلة جمع فيه مؤلفه أصول هذا العلم و فصوله، و أوجز لفظه، و أحكم بناءه، و أتقن نظمه و ترتيبه حتى قال فيه أحدهم:
و لولا التقى قلت المفصَّلُ معجزٌ كآيٍ طوالٍ من طوالِ المفصلِ
غير أنه لكثرة مسائله و وجازة لفظه قد اشتمل على ضروب منها لفظٌ أغربت عبارته فأَشْكَل، و لفظٌ تتجاذبه معانٍ فهو مجمل، و منها ما هو بادٍ للأفهام إلا أنه خالٍ من الدليل مهمل، فاحتاج لذلك إلى شروحٍ تحل إشكاله، و توضِّح مجملَه، و تُتْبِعُ كل حكم من أحكامه حججه و علله، و قد اعتنى كثيرٌ من علماءِ هذا الفنِّ - لأجل ذلك - بشرحِه فصنفوا عليه شروحًا كثيرة تباينت في طولها و قصرها و إيجازها و إيعابها منها شرحُ الشيخ أبي عمرو عثمان بن عمرو المعروفِ بابنِ الحاجب النحْويّ المُتوفَّى سنة ستمائة و ست و أربعين وسمى شرحه "
¥