تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فيها كرسي البابا الذي كان دائما يحث النصارى على محاربة المسلمين،" وأنهم قد قصدوا مالطة وطردوا منها فرسان القديس يوحنا الذين كانوا يزعمون أن الله يطلب منهم مقاتلة المسلمين.

وأدرك نابليون قيمة الروابط التاريخية الدينية التي تجمع بين المصريين والعثمانيين تحت لواء الخلافة الإسلامية؛ فحرص ألا يبدو في صورة المعتدي على حقوق السلطان العثماني؛ فعمل على إقناع المصريين بأن الفرنسيين هم أصدقاء السلطان العثماني .. غير أن هذه السياسة المخادعة التي أراد نابليون أن يخدع بها المصريين ويكرس احتلاله للبلاد لم تَنْطلِ عليهم أو ينخدعوا بها؛ فقاوموا الاحتلال وضربوا أروع أمثلة الفداء.

وبعد فترة قليلة من مجيئ الحملة ن رحل نابليون بونابرت عن مصر تاركاً الجنرال كليبر على رأس الحملة. وبعد مقتل كليبر على يد سليمان الحلبي تسلم الجنرال جاك فرانسوا مينو - أو عبد الله جاك مينو - بعد أن أظهر أنه أسلم ليتزوج من امرأة مسلمة كانت تسمى زبيدة ابنة أحد أعيان رشيد. وبعد هزيمة الفرنسيين وتحطيم أسطولهم وقع الفرنسيون معاهدة لتسليم مصر والعودة لفرنسا على متن السفن البريطانية. لتنتهي بذلك فترة من أهم الفترات التي شهدتها مصر.

الطريق إلى القاهرة:

وفي مساء يوم 3 يوليو 1798 م) زحفت الحملة على القاهرة، وسلكت طريقين أحدهما بري وسلكته الحملة الرئيسية؛ حيث تسير من الإسكندرية إلى دمنهور فالرحمانية، فشبراخيت، فأم دينار على مسافة 15 ميلا من الجيزة. وأما الطريق الآخر فبحري وتسلكه مراكب الأسطول الخفيفة في فرع رشيد لتقابل الحملة البرية قرب القاهرة.

ولم يكن طريق الحملة سهلا إلى القاهرة فقد لقي جندها ألوانا من المشقة والجهد، وقابلت مقاومة من قبل أهالي البلاد؛ فوقعت في 13 يوليو 1798م أول موقعة بحرية بين مراكب المماليك والفرنسيين عند "شبراخيت"، وكان جموع الأهالي من الفلاحين يهاجمون الأسطول الفرنسي من الشاطئين غير أن الأسلحة الحديثة التي كان يمتلكها الأسطول الفرنسي حسمت المعركة لصالحه، واضطر مراد بك قائد المماليك إلى التقهقر صوب القاهرة.

ثم التقى مراد بك بالفرنسيين عند منطقة إمبابة في 21 يوليو 1798م في معركة أطلق عليها الفرنسيون معركة الأهرام. وكانت القوات المصرية كبيرة غير أنها لم تكن معدة إعدادا جيدا؛ فلقيت هزيمة كبيرة وفر مراد بك ومن بقي معه من المماليك إلى الصعيد، وكذلك فعل إبراهيم بك شيخ البلد، وأصبحت القاهرة بدون حامية، وسرت في الناس موجة من الرعب والهلع خوفًا من الفرنسيين.

نابليون في القاهرة:

دخل نابليون مدينة القاهرة تحوطه قواته من كل جانب، وفي عزمه توطيد احتلاله للبلاد بإظهار الود للمصريين وبإقامة علاقة صداقة مع الدولة العثمانية، وباحترام عقائد أهالي البلاد والمحافظة على تقاليدهم وعاداتهم؛ حتى يتمكن من إنشاء القاعدة العسكرية، وتحويل مصر إلى مستعمرة قوية يمكنه منها توجيه ضربات قوية إلى الإمبراطورية البريطانية.

وفي اليوم الثاني لدخوله القاهرة وهو الموافق 25 يوليو 1798م أنشأ نابليون ديوان القاهرة من تسعة من كبار المشايخ والعلماء لحكم مدينة القاهرة، وتعيين رؤساء الموظفين، غير أن هذا الديوان لم يتمتع بالسلطة النهائية في أي أمر من الأمور، وإنما كانت سلطة استشارية ومقيدة بتعهد الأعضاء بعدم القيام بأي عمل يكون موجها ضد مصلحة الجيش الفرنسي، ولم يكن الغرض من إنشاء هذا الديوان سوى تكريس الاحتلال الفرنسي والعمل تحت رقابة وأعين السلطات الفرنسية.

فما كان من الشعب المصري إلاَّ أن استخدم جميع وسائل المقاومة في مناهضة الغزاة، حتى أصدر نابليون أوامره باستخدام أعنف الوسائل لسحق الثورة كقصف الجامع الأزهر واحتلاله بالجنود وقتل الثوار وإحراق المنازل و هتك الأعراض، و غير ذلك من أبشع الأساليب القهرية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير