تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وَكانَ يَمْكثُ الأَرْبَعِينَ يَوْمًا أَوْ أَكثرَ لا يَأْكلُ! وَلا يَشْرَبُ! وَلا ينامُ! ثمَّ ينزِلُ لحِاجَةٍ ثمَّ يعوْدُ إلىَ مَكانِهِ عَلى حَالِهِ السّابق ِ، وَبقِيَ عَلى ذلِك َ اثنتيْ عَشْرَة َ سَنة!

وَكانَ يَزْعُمُ البدَوِيُّ: أَنَّ مِنْ كرَامَاتِهِ: أَنَّ ثوْرًا كادَ يَقتلُ رَضِيْعًا بمصْرَ، فمَدَّ البدَوِيُّ يدَهُ إليْهِ - وَكانَ حِيْنَذَاك َ باِلعِرَاق ِ- إلىَ مِصْرَ، فنجَّاهُ وَأَبْعَدَ الثوْرَ عَنْه!

وَكانَ البدَوِيُّ يتلثمُ بلِثامَين ِ، لا يُرَى مِنْ وَجْههِ شَيْءٌ سِوَى عَيْنيْهِ! فطلبَ مِنْهُ أَحَدُ مُرِيدِيهِ أَنْ يَنْظرَ إلىَ وَجْههِ دُوْنَ لِثامٍ، لِيَرَى وَجْهَه.

فقالَ لهُ البدَوِيُّ: «كلُّ نظرَةٍ برَجُل» ٍ!

فقالَ المرِيدُ المرِيدُ: «يَا سَيِّدِي أَرِنِي وَجْهَك َ وَلوْ مِتّ».

فكشَفَ البدَوِيُّ لهُ اللثامَ العُلوِيَّ، فبدَا لهُ بَعْضُ وَجْههِ، فصَعِقَ مُرِيدُهُ وَمَاتَ مِنْ فوْرِه! كذَا زَعَمَ الشَّعْرَانِيُّ في «طبقاتِهِ الكبْرَى» (1/ 160).

وَمَا ذاك َ إلا َّ لِقبْحِ وَجْههِ، وَتمَثل ِ الشياطِين ِ بهِ، وَإلا َّ فليْسَ في ذلِك َ مَفخَرَة ٌ وَلا مَنْقبَة ٌ، وَليْسَ أَحَدٌ أَكرَمَ عَلى اللهِ وَلا أَحَبَّ إليْهِ مِنْ نبيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، خلِيْلِهِ وَصَفيِّهِ،

وَخِيْرَتِهِ مِنْ خلقِهِ، وَكانَ وَجْهُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَبيْحًا جَمِيْلا ً، لا تَمَلُّ عَينُ النّاظِرِ إليْهِ مِنْهُ، يَمْلأُ القلوْبَ بَهْجَة ً وَسُرُوْرًا، وَالنفسَ رِضا وَحُبُوْرًا. كمَا في «صَحِيْحِ البُخارِيِّ» (1009) وَغيرِهِ: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمَا، كانَ رُبَّمَا تمَثلَ بشِعْرِ أَبي طالِبٍ عَمِّ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذا نظرَ إليْهِ يَقوْلُ:

وَأَبيضَ يسْتسْقى الغمَامُ بوَجْههِ

ثِمَالُ اليتامى عِصْمَة ٌ لِلأَرَامِل ِ

وَقدْ تَمَثلَ بهِ غيرُ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابةِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُمْ جَمِيْعًا في النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

وَرَوَى البُخارِيُّ في «صَحِيْحِهِ» (3549) وَمُسْلِمٌ (2337) عَن ِ البرَاءِ بْن ِعَازِبٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: «كانَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَحْسَنَ النّاس ِ وَجْهًا، وَأَحْسَنَهُ خَلقا، ليْسَ باِلطوِيْل ِ البائِن ِ، وَلا باِلقصِير».

وَفي «صَحِيْحِ البُخارِيِّ» (3552): أَنَّ البرَاءَ بْنَ عَازِبٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ سُئِلَ أَكانَ وَجْهُ النَّبيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَ السَّيْفِ؟ فقالَ: «لا! بَلْ مِثْلَ القمَر».

وَرَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (5/ 454): عَنْ يَزِيْدِ بْن ِ هَارُوْنَ عَن ِ الجرَيرِيِّ قالَ: كنتُ أَطوْفُ مَعَ أَبي الطفيْل ِ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ فقالَ: «مَا بَقِيَ أَحَدٌ رَأَى رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غيرِي».

قالَ:قلتُ:وَرَأَيته؟ قالَ: «نعَمْ».

قالَ:قلتُ: كيْفَ كانَ صِفتهُ؟ قالَ: «كانَ أَبيَضَ مَلِيْحًا مُقصَّدًا» وَرَوَاهُ مُسْلِمٌ في «صَحِيْحِه» (2340).

وَرَوَى الإمَامُ أَحْمَدُ في «مُسْنَدِهِ» (5/ 451) بإسْنَادٍ صَحِيْحٍ رِجَالهُ رِجَالُ الشَّيْخَين ِ: عَنْ يَحْيَى بْن ِسَعِيْدٍ وَمحمَّدِ بْن ِ جَعْفرٍ عَنْ عَوْفِ بْن ِ أَبي جَمِيْلة َ عَنْ زُرَارَة َعَنْ عَبْدِ اللهِ بْن ِ سَلامٍ رَضِيَ الله ُ عَنْهُ قالَ: (لمّا قدِمَ النَّبيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المدِينة َ، انْجَفلَ النّاسُ عَليْهِ، فكنْتُ فِيْمَن ِ انْجَفلَ. فلمّا تَبَيَّنْتُ وَجْهَهُ عَرَفتُ أَنَّ وَجْهَهُ ليْسَ بوَجْهِ كذّابٍ. فكانَ أَوَّلَ شَيْءٍ سَمِعْتُهُ يَقوْلُ: «أَفشوْا السَّلامَ، وَأَطعِمُوْا الطعَامَ، وَصِلوْا الأَرْحَامَ، وَصَلوْا وَالنّاسُ نِيَامٌ، تدْخُلوْا الجنة َ بسَلام» وَرَوَاهُ الدّارِمِيُّ (1460)، (2632) عَنْ سَعِيْدِ بْن ِ عَامِرٍ عَنْ عَوْفٍ به.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير