تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هذا وإذا سلّمنا بعدم انثلام عبارته، أو سلّم بصحة انتقادنا، وثبت على الوجهين أن الكلمة هي بوزن جَعْفَر أو قُنْفُذ، ورد عليه الاعتراض من وجهٍ آخر وهو أن المقام لا يحتمل وزن جعفر ولا قُنفذ، لوقوع الكلمة في الفاصلة مقابلة بالمطل، ولا يفي أن الفاصلة حكم القافية. على أنه لو ترك إيراد هذه اللفظة أصلاً لكان أسلم من الانتقاد. وما أدري ما الذي ساقها وهي اسم رجلٍ لا مدخل لها في المقام البتّة فضلاً عما تقدم.

و الشيء بالشيء يُذكر فما مرّ الكلام عليه من الخلل في أحكام الفاصلة هو على حدّ قوله في كتابه سر الليال المارّ ذكره في الصفحة عينها: ((لكنهم عدلوا عن هذه الجادّة إلى جادةٍ أخرى جاهدة)). ومثلهُ قوله بعد ذلك: ((فظهرت أسارير حسنها وتباشير فنّها وحكمة وضعها وبهجة مطلعها)). فإن ((الجادة)) لا توافق ((جاهدة))، و ((وضعها)) لا توافق ((مطلعها)). وإنما تكون ((الجادة)) بإزاء ((النادّة)) مثلاً، و ((جاهدة)) بإزاء ((شاردة))، وهلمّ جراً.

ومنه قوله أيضاً في أثناء ذلك (مع أن الجمع في لغة العجم له علاقةٌ واحدة وإشارة غير شاذّة، ولا نادّة بزيادة ((راءٍ)) بعد ((الدال)) وهي متلفةٌ لفظاً ومعنىّ. وما أدري أيتهما المعوّل عليها عنده، ولعلها الثانية، كما أن الفحَطْل بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) هي المعوّل عليها عند أبي على رأيه.

وهنا أعجبُ كيف جزم بقوله (ولا شك في أن قول الشيخ ناصيف في المتن و الشرح فحطل، بتقديم ((الحاء)) على ((الطاء)) وهو من غلط الوهم)) إلى آخره. ولو بنى كلامه هذا على الاحتمال لكان أسدّ. على أن غلط الوهم لا يخلو منه أحدٌ كما أشار بعد ذلك، فلا عيب فيه وإلا فكلّ عائبٍ معيب. غير أنني قد كشفتُ في النسخة الأصلية التي بخطه رحمه الله ,فلم أجد لذلك من أثر، وإنما هو غلطٌ في الطبع من النوع الذي وقع للمولى في ما ذكرتُ.

ومنه إبدال ((البدائع)) بـ ((المدائع)) في صحيفة الجوائب المذكورة في العمود الثاني من صفحة 3، وغير ذلك مما لا يخفى على ذي عينين. وأمثال هذا في أكثر الكتب المطبوعة كثيرةٌ قلّ منها ما يخلو من كميّات من الأغلاط التي أخصّها القلب و الإبدال كما يعلم الأستاذ. فينتبه المؤلف إلى بعضها فيُدْرَج تحت إصلاح الغلط كما جرت العادة، ويُغفل عن بعضها فيبقى عرضةً لعبث الناقدين إلى ما بعد وفاته.

ومن ذلك قوله (وأهل بيروت يقولون للرجل المحنّك فحطل على وزن جعفر، وهي أيضاً محرّفةٌٌ)) أقول: وقصده بهذا ظاهرٌ وإذا سلم بأن اللغة معلقةٌ على موضع الإقامة، فما أخال القول بهذا الحكم يرضيه. وهو المخيّر في إثبات ما قاله أو نقضه، وأما حقيقة اللفظة، فالصحيح أن التحريف قد حدث من قبله وإنما هم يقولون فلانٌ من الفطاحل، بتقديم ((الطاء)) على ((الحاء)) بخلاف روايته. وهي مسموعة عندهم بصيغة الجمع فقط كما أشرتُ، ولم يجر ِ لها على ألسنتهم مفردٌ ولا مثنّى. ولذلك يصعب التسليم بكونها على وزن جعفر أو غيره. غير أن للمولى عذراً بالنظر إلى تقادم عهده ببيروت فربما ورد عليه ذلك من طريق النسيان. والله أعلم.

وأمّا اعتراضه بأن ((المرابض)) للغنم دون الخيل، فهو وهمٌ. و الصحيح أنها عامّةٌ تتناول جميع أنواع الدّابة كما نصّت علماء اللغة. وهي جمع ((مربض)) اسم موضع من الربض أو الرَبْض. و الظاهر أن هذا المعنى مأخوذ في الأصل من الرَبض بفتحتين وهو الامعاء، أو مجتمع الحوايا في البطن. يُستعمل للدابّة لأن رَبضها حينئذٍ يلاصق الأرض، فيُقال ربَضَت. وهذا لا يختصّ بدابّة دون أخرى. كما أخذ البروك للإبل من البَرْك بالفتح، وهو الصدرُ لأنها تبرك على صدورها. ولذلك وُضع في الأصل لها. على أنهم تسامحوا في هذا الأخير وأشباهه من المختصّات في الأصل فأجروها مجرى المشتركات كما يشهد الاستقراء. ولا يسعنا المقام لإيراد شواهد على ذلك من أئمة اللغة وشعرائها فنتخطاه إلى ما كنا عليه.

فممّا جاء من النصّ على عموم ((المرابض)) في كتب اللغة قول صاحب القاموس ملخّصاً.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير