تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فلما رجعت إلى بيتي، ودخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم [فسلم] ثم قال: كيف تيكم؟ فقلت: أتأذن لي أن آتي أبوي؟ وأنا [حينئذ] أريد أن أستيقن الخبر من قبلهما.

فأذن لي.

فجئت أبوي، فقلت: يا أمتاه، ما يتحدث الناس؟ قالت: يا بنية! هوني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها لها ضرائر إلا كثرن عليها.

فقلت: سبحان الله! وقد تحدث الناس بهذا؟! فبكيت الليلة حتى لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم.

ثم أصبحت أبكي.

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب وأسامة بن زيد، حين استلبث الوحي، يستأمرهما في فراق أهله.

فأما أسامة، فأشار على رسول الله بالذي يعلم من براءة أهله، وبالذي يعلم لهم في نفسه من الود، فقال: يا رسول الله هلك، ولا نعلم إلا خيرا.

وأما علي فقال: لم يضيق الله عليك، والنساء سواها كثير، واسأل الجارية، تصدقك.

فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، (2)

فقال: أي بريرة، هل رأيت من شئ يريبك؟ قالت: لا والذي بعثك بالحق، إن رأيت عليها أمرا أغمصه (3) عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن، تنام عن عجين أهلها، فيأتي الداجن، فيأكله.


(1) قال ابن الاثير: أي: يا هذه، وتفتح النون وتسكن، وتضم الهاء االاخرة وتسكن، قال جوهري: هذه اللفظة تختص بالنداء وقيل: معنى يا هنتاه: أي: يا بلهاء، كأنها نسبت إلى قلة معرفة بمكايد الناس وشرورهم.
(2) كون الجارية بريرة هنا، وهم من بعض الرواة نبه عليه ابن القيم، في " زاد المعاد " 3/ 268؟؟ مؤسسة الرسالة بتحقيقنا، واخذه عنه الزركشي في " الاجابة " ص 48.
(3) أي: عيبه.
[*] ************
سير أعلام النبلاء - (2/ 157)
فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاستعذر من عبد الله بن أبي ابن سلول، فقال وهو على المنبر: " يا معشر المسلمين، من يعذرني (1) من رجل قد بلغني (2) أذاه في أهل بيتي، فوالله ما علمت على أهلي إلا خيرا، ولقد ذكروا رجلا ما علمت عليه إلا خيرا وما كان يدخل على أهلي إلا معي ".
فقام سعد بن معاذ، فقال: يا رسول الله، أنا أعذرك منه، إن كان من الاوس، ضربت عنقه، وإن كان من إخواننا من الخزرج، أمرتنا، ففعلنا أمرك.
فقام سعد بن عبادة - وهو سيد الخزرج، وكان قيل ذلك رجلا صالحا، ولكن احتملته (3) الحمية، فقال [السعد]: كذبت لعمر الله! لا تقتله، ولا تقدر على قتله.
فقام أسيد بن حضير - وهو ابن عم سعد بن معاذ - فقال: كذبت! لعمر الله لنقتلنه، فإنك منافق تجادل عن المنافقين.
فتثاور (4) الحيان: الاوس والخزرج، حتى هموا أن يقتتلوا، ورسول الله صلى الله علي ه وسلم قائم على المنير.
فلم يزل يحفضهم حتى سكتوا وسكت.
قالت: فبكيت يومي ذلك وليلتي، لا يرقأ لي دمع ولا أكتحل بنوم، فأصبح أبواي عندي، وقد بكيت ليلتين ويوما لا أكتحل بنوم، ولا يرقأ لي دمع، حتى ظننت أن البكاء فالق كبدي (5).
فبينما هما جالسان عندي، وأنا أبكي، استأذنت علي امرأة من الانصار، [فأذنت لها]، فجلست تبكي معي، فبينما نحن على ذلك، دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسلم، ثم

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير