ـ[محمد الأمين فضيل]ــــــــ[25 - 10 - 02, 11:23 ص]ـ
فارس السنة الشيخ صفوت نور الدين
رحلة دعوة لا تموت .. من "بلبيس" إلى "مكة المكرمة"
"علينا أن نجتمع حول من بقي من العلماء لطلب علمهم، فلا نضيع أعمارهم ثم نبكي عليهم بعد موتهم. وعلينا أن نسأل عمن ورث علم من مات منهم، ولا نظن أن العلم مجرد نص محفوظ في الكتب، فإن أهل الكتاب لم تنفعهم كتبهم التي بين أيديهم فقد حرفوا بعضها وأهملوا بقيتها، فلم يبق لهم من الدين شيء، ولا حول ولا قوة إلا بالله"
كانت هذه الكلمات بعضاً مما كتبه الشيخ " صفوت نور الدين"في كلمة له بمجلة "التوحيد" في ربيع الأول عام 1420هـ بعنوان "قبض العلماء"! فكأنه كان يرثي نفسه ومن سبقوه ومن سيلحقوا به من العلماء!
ولد الشيخ "محمد صفوت نور الدين أحمد مرسي" رحمه الله في عام 1363هـ الموافق 1943م بقرية "الملايقة" إحدى قري مركز "بلبيس" محافظة الشرقية في مصر لأسرة عريقة محبة للسنة، وكان والده أحد الدعاة الغيورين، فتعلم منه الكثير، ثم تتلمذ بعد ذلك على عمه ووالد زوجته الشيخ "عبد الله أحمد مرسي" وهو أول من بدأ الدعوة في قريته لتعم القرى التي حولها كافة.
ملازمة العلماء
كان رحمه الله في فترة الستينيات من القرن العشرين طالبًا بالجامعة، ولم تشغله دروسه العلمية عن أن يستمع إلى شيوخ جماعة أنصار السنة المحمدية في بلدته بلبيس، وفي المركز العام للجماعة، من أمثال الشيخ: عبد الرحمن الوكيل، والشيخ خليل هراس، رحمهما الله.
ولقد عوّض ما فاته من التلقي على يد الشيوخ الأوائل ـ أمثال الشيخ محمد حامد الفقي والشيخ أبو الوفاء درويش ـ بحرصه على معرفة إنتاجهم العلمي في كتبهم وفي مجلة "الهدي النبوي" التي كانت تصدر عن أنصار السنة المحمدية.
شغل الشيخ رحمه الله منذ الثمانينيات وظيفة "أمين عام الدعوة" زمن رئاسة الشيخ "محمد علي عبد الرحيم"، وفي يوم الخميس 22 شعبان 1412هـ الموافق 27/ 2/1992م تم انتخابه بالإجماع رئيساً لجماعة أنصار السنة المحمدية (بعد وفاة الشيخ "محمد علي عبد الرحيم" رحمه الله تعالى)، ليكون بذلك أول رئيس للجماعة من الجيل الثاني.
وقد كانت له مساهمات كبيرة في الكتابة في مجلة التوحيد، حتى إذا صار رئيسا للجماعة أولى مجلة التوحيد عناية فائقة، وساهم في تطويرها والكتابة فيها والفتيا على صفحاتها، حتى انتشرت في غالب بلاد العرب والمسلمين، وبلغ مجمل ما يطبع منها مئة ألف نسخة.
في المؤتمرات
لم يكتف رحمه الله بما كان يقوم به من إلقاء الخطب والدروس اليومية في فروع ومساجد الجماعة، بل امتد نشاطه إلى خارج البلاد محاضرًا في بلاد الغرب، كما شهد عددًا كبيرًا من المؤتمرات العلمية التي كانت تعقد لمناقشة هموم الدعوة والمسلمين.
وكان آخر مؤتمر برئاسته هو المؤتمر الذي عقد بالمركز الدولي لدعاة التوحيد والسنة بمسجد "العزيز بالله"، وقد انتهت أعماله قبل سفره الأخير إلى السعودية بيومين تقريبًا، وكان شعار المؤتمر "القدس".
مع الصحافة
كان رحمه الله يحسن استقبال الصحفيين ويدلي لهم بآرائه، وكان مرتب الفكر والمنهج، بارعًا في الرد على ما يثيره الصحفي من علامات استفهام حول بعض المسائل الخلافية، وكان يتكلم عن منهج الجماعة ورجالها ومسيرتها، ولا يتكلم عن نفسه، وقد كان ذلك يتم بأسلوب واضح وعبارات تدل على أن الرجل عالم فطن غزير العلم واضح المنهج.
ومن أبرز حواراته التي لا يتسع المجال للتحدث عنها: ما كان على صفحات اللواء الإسلامي مع شيخ الأزهر د. محمد سيد طنطاوي يوم أن كان مفتيًا للجمهورية، ود. أحمد عمر هاشم من جهة، وهو والشيخ صفوت الشوادفي من جهة أخرى.
إدارة الجماعة
أما عن منهجه في إدارة شؤون الجماعة وسياسة رجالها، فقد كان رحمه الله حريصًا كل الحرص على مال الجماعة، وكان رحمه الله يحمي إخوانه من غيرهم، بل وأحيانًا من أنفسهم، ويشهد تلامذته أنهم لم يروا رجلاً له قبول عند الناس بعد الشيخ "محمد حامد الفقي" رحمه الله مثل ما للشيخ صفوت نور الدين.
ومما يدل على غزير أدبه ومحبته لأنصار السنة أنه كان يقول لكل واحد ممن حوله: "لا تهلك نفسك، نريدك معنا".
¥