تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ترجمة العلامة (محمد الحسن الددو) أملاها الشيخ عبدالله محمد الحكمي]

ـ[أبو عبدالله المحتسب]ــــــــ[20 - 12 - 05, 12:20 ص]ـ

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن والاه.

وبعد: فهذه سطور من حياة العلامة الشيخ محمد الحسن الدَّدو، فكّ الله أسره، وأسبغ عليه ثوب الصحة والعافية.

بادئ ذي بدء فان لحديث عن الشيخ لاتوفّي حقه أسطر يسيرة، والكلام عنه يتشعّب بتشعّب مناشطه وتعدّد مواهبه، ويترامى في كل اتجاه ترامي شهرته الواسعة، وعلمه الغزير.

وسأتناول في هذه السطور القليلة شيئاً مما عرفته عنه في السنوات الماضية، وما عرفته هو قطرة من بحر وغيض من فيض.

الشيخ بين النشأة والموهبة الربانية:

ولد الشيخ - كما قال لي - سنة 1386هـ في قريتهم الشهيرة بـ ((أم القرى)) من إقليم شنقيط أي: أنه الآن على مشارف الأربعين بارك الله في عمره، ونفع به الأمة.

وإذا أراد الله بعبد خيراً هيّء له الأسباب التي تعينه على مبتغاه.

وإذا تأملنا في أسباب نبوغ هذا العلم نجد من أهمها:

1) المواهب التي فطره الله عليها، وأكرمه بها: من حدة الذكاء وسرعة الحفظ والفهم.

2) الوسط العلميّ الذي نشأ فيه، فقد نشأ بين أبوين عالمين، ولاسيما أمه، فأمه من أسرة آل عبدالودود الهاشمية، فهو هاشمي من جهة أمه، أما من جهة أبيه فهو حميريّ، ترجع أصوله إلى قبيلة حمير باليمن كما حدثني بذلك.

وقد اعتنى أبواه به فحفَّظاه القرآن في سن مبكّرة، حيث حدثني أنه أدرك في السنة الثامنة أنه حافظ للقرآن ولايدري متى حفظه بالتحديد؛ لأن حفظ الصبيان للقرآن والمتون الأولية أمر مألوف عندهم، ولايكون مستغرباً كما هو الحال في سائر مجتمعاتنا العربية اليوم.

وقد تلقى عن أمه القراءات العشر، وحفظ على يديها طائفة من المتون، ثم أكرمه الله بملازمة جدّه لأمه العلامة الكبير الشيخ محمد علي بن عبدالودود، الشهير بـ ((محمد عالي)) ونشأ في حجره وهو طفل صغير، فحفظ عليه الكثير من المتون المهمة في علوم الوسائل وعلوم المقاصد، وتلقى عليه علوم الكتاب والسنة، وقرأ عليه مطولاتها، وتعلّم منه العبادة والسمت الحسن والزهد والجدّ، ولم يعرف لهو الأطفال، وعبث الفتيان، وظل ملازماً لجدّه حتى توفي رحمه الله تعالى، وهو الذي يقول عنه في دروسه: قال شيخي جَدّي.

ثم واصل تلقيه العلوم في محظرة أخواله التي تعرف بـ ((محظرة آل عدّود)) فتلقى على خاليه العالمين الجليلين: ((محمد يحيى)) و ((محمد سالم)) وهما أشهر أبناء الشيخ ((محمد عليّ)) السالف الذكر علماً.

وأكثر تلقيه بعد موت جدّه عن بحر العلوم خاله الشيخ محمد سالم بن عدّود وهو الذي يقول عنه في دروسه: قال شيخي خالي، ولم أر في حياتي من يجمع بين علوم النقل والعقل مثل الشيخ محمد سالم أمتع الله به الأمة.

ولهذا الوسط الصالح أثر في نشأة الشيخ محمد الحسن على سلامة المعتقد، فأسرة ((آل عدّود)) أسرة سلفية المعتقد مع التربية على الاعتدال في السلوك والعبادة.

3) البيئة الريفية الهادئة البعيدة عن مغريات الحياة وشواغلها، ومظاهر الترف.

4) علوّ الهمة لدى الشيخ.

طرف من أخباره في العلم والعمل، والدعوة إلى الله، وغير ذلك:

حفظه:

هو من أعاجيب الدنيا في الحفظ والاستحضار، يشرح المتون الكثيرة، دون أن ترى بيده كتاباً، أو ورقاً إلا في حالات نادرة حين يريد نقل نصّ معين لم يكن حفظه من قبل، ويحفظ من أشعار العرب ودواوينهم وشعر المعاصرين مالا يخطر على بال.

ومن أعجب ماسمعته منه، ولم أنقله عن أحد: حفظه للمشهور من أقوال الأئمة الأربعة، ومعرفته لدقائق علل الحديث النبويّ، وإذا تكلم في فن قلت: إنه قصر نفسه عليه وأفنى عمره في تحصيله.

ومرة نظمت مقطوعة في ثمانية أبيات بمناسبة شفاء شيخنا العلامة الكبير محمد سالم من مرض ألمّ به قبل سنوات، أمتع الله به، وكان الشيخ محمد الحسن في حينها عازماً على السفر إلى موريتانيا، وليس هناك وقت للالتقاء به، فقرأتها عليه عبر الهاتف، ثم قلت له: أرسلها لك بواسطة الناسخ ((الفاكس)) فقال لي: مايحتاج، أنا أوصلها له، أي أنه حفظها من مرة واحدة، ثم علمت من غيره أنه كتبها ودفعها إلى الشيخ محمد سالم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير