عمن عاين الشيخ في فترة شبابه (وكان ذلك أيام عبد الناصر) وهو يؤذن في كليات جامعة الأزهر
وعلى أبوابها، في حين لم يكن أحد يجرؤ على هذا الفعل في ذلك الزمان ...
كان الشيخ أسامة عبد العظيم في فترة الثمانيات أمير المعسكرات الصيفية للجماعة الإسلامية، وهو
الاسم العام لكل الجماعات التي كانت تعمل متعاونة متشاركة في كل الأنشطة، ولم تنشطر الجماعات
الإسلامية إلا بعد أحداث سبتمبر وأكتوبر وما تلاها ...
كان الشيخ طيلة فترة شبابه معروفا بعلمه وهدوئه وسمته ... أما زهده وعبادته فكان مضرب المثل
دوما لا يجادل ولا يماري أحد في مصر (بشهادة كل الجماعات حتى أساتذة الأزهر من الأشاعرة وغيرهم)
أن الشيخ أسامة عبد العظيم هو أعبد أهل مصر ... هذا سمعناه من الجم الغفير ... ثم رأيناه بأعيننا ...
ولنبدأ بسيرة عبادة هذا الرجل .. فإن فيها شحذا لهمم شباب اليوم ... فوالله ما تذوقنا للعبادة طعما وحلاوة
إلا في الصلاة خلف هذا الرجل، مع أن صوته صوت عادي، ولكنه يحفظ القرآن عن ظهر قلب، ومسجده
يقع في منطقة البساتين أو الشافعي (أي قرب مقبرة الإمام الشافعي رحمه الله) .. وهو من خمس طوابق
تمتلئ عن آخرها في رمضان ...
والعجيب أن المسجد يمتلئ بالشباب من كل الشرائح .. يأتون ليتعلموا فنون العبادة وراء هذا العابد ...
يبدأ الشيخ اسامة صلاة التراويح في الساعة العاشرة أو الحادية عشرة مساء ... ثم تستمر صلاته حتى
قبيل الظهر بنصف ساعة أو ساعة تقريبا ...
ومن عادة الشيخ أن يصلي أطول ركعتين في التراويح (إحدى عشرة ركعة) في البداية، فكان يصلي
أولى الركعتين بأربعة أجزاء وربما بخمسة، وقد حضر الأخوان مرارا الشيخ وهو يقرأ البقرة وآل عمران
في ركعة واحدة .. وحضرته مرة وقد قرا صلاة المغرب يوم التاسع من ذي الحجة بسورة الأعراف،
يقرأ قراءة بطيئة حزينة، يبكي من خلفه، ويطيل الركوع والسجود ... وكان يختم في التراويح في رمضان
أكثر من ست ختمات .. ثلاث ختمات تقريبا في العشر الأواخر من رمضان ... وكنا نصلي في مسجده الذي
يمتلئ بالشباب، وكان الشيخ يقرأ الساعات الطوال فلا يجلس في المسجد إلا القليل ... وقد رأيت بعيني
هاتين معوقا (كسيح القدم) يقف تلك الصلاة الطويلة (ساعات) فلا يجلس ... إن الأجواء الإيمانية التي
كنا نراها في مسجد الشيخ لا يمكن أن تصفها الكلمات
ووجه تميز الشيخ أسامة في عبادته، انه كان صاحب مسئوليات، وكان قليلا ما ينام في ليله ونهاره، وقد
حدثين الثقات من المقربين للشيخ أنه ينام في ليالي رمضان ربما ثلاث ساعات فقط ... وهذا ليس ببعيد،
فالشيخ يدرس في الجامعة (قسم الدراسات العليا) ويأتي إلى المسجد فيجلس للإفادة والتدريس، ثم يأتي
طعام الإفطار ثم يصلي ويجلس مع الإخوان، ولا ينام إلا بعد العشاء قليلا، ثم يبدأ القيام حتى الفجر .. وفي
إحدى المرات لم يستطع الأخوان اللحاق بالسحور لطول القيام وعدم انتباه الشيخ يحفظه الله ...
أما من صلى وراءه مباشرة فيعرف كيف يصلي الشيخ، وقد كنت أراه بين الحين والحين فما كانت طريقة
صلاته تتغيرمنذ رأيته وحتى فارقته .. يقف وقفة تامة، تستمتع حين تراه يكبر، وحين تراه مطأطئا رأسه
بصفة مميزة، ووالله قد علم أجيالا كيف تصلي لله رب العالمين ...
ومعروف عن الشيخ وتلاميذه العبادة والزهد، فملابسه بسيطة، وهيئته تدل على بساطة في كل شيء،
حتى سيارته التي كان يرفض مجرد طلاءها بلون جديد ... أما مسجده فعلى الهيئة البسيطة، لا الوان
ولا زخارف ... فبمجرد أن تدخل المسجد تشعر أنك في جو يساعدك على الخشوع ...
في كل دروس الشيخ تقريبا حض على قيام الليل وعلى تهذيب النفس، أما طلبة العلم عند الشيخ فلهم
مناهج خاصة يتابعهم الشيخ بنفسه ... وقد تخرج على يديه الكثير من
الدعاة والعلماء نذكر منهم: الشيخ
أسامة كحيل (مدرس في جامعة الأزهر فرع المنيا أو أسيوط - أنا الناسي -) .. ومنهم الشيخ أسامة حامد،
والشيخ الأجل محمد الدبيسي حفظهم الله ... وغيرهم بفضل الله كثير ...
كان الشيخ يشترط على من يأتي لطلب العلم أن يحفظ القرآن، بل كان يشترط على كثير ممن أراد الزواج
كذلك أن يحفظ القرآن، وكان يعتبر أن شباب الصحوة هم الذي تعين عليهم حفظ القرآن لتقوم الأمة
بالفرض الكفائي في حفظه ...
¥