تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إماما في الفقه في الفقه المالكي، ذا معرفة فيه وإتقان، مطلعا على الخلاف العالي، مرجوعا إليه فيه، ذا فهم وقاد، وذهن حاد، حتى عين قاضيا بمقصورة الرصيف بفاس، ولم يكن يعين قاضيا في فاس عادة إلا من تبحر في العلوم، خاصة الفقه والنوازل.

وفي الأصول: كان أحد أساطينه، "سخرت له مسائله وقواعده طبيعة منقادة له، يتصرف فيها كيف شاء، وفي أي وقت أراد" (3). كما وصفه العلامة المنوني رحمه الله، صاحب فهم دقيق، ومنزع عميق، واستيعاب لفلسفة التشريع ومدارك الشريعة.

وكانت له مشاركة قوية في علم التفسير، متذوقا لمعاني الآيات، فاهما مقاصدها ومعانيها ومواقعها.

و "كان أحد أولئك المحدثين الكبار بهذه البلاد المغربية، حافظا كبيرا (4)، يستظهر الكثير الطيب من الأحاديث والمصنفات المتداولة وغير المتداولة" (5)، كما قاله شيخنا المنوني.

وكان في اللغة وعلومها – خاصة البلاغة والبيان – أحد رجالاتها الأئمة المتعمقين فيها، علما وتطبيقا، كأن مسائلها على طرف لسانه.

"وكان أحد شيوخ الأدب في عصره، ومن ذوي الاطلاع على الآداب القديمة والحديثة".

"هذا إلى تضلع كبير في باقي العلوم؛ من فقه ولغة ونحو وغيرها، مع كرع من مناهل العلوم العصرية" (6) .. كما نص عليه المنوني رحمه الله.

أما في التصوف – بمعنى علوم الرقائق والإشارات – فقد كان له فيه ذوق سليم، وفهم كريم، متذوقا لكلام أهله، فاهما مدلوله وأسراره، غير واقف على جفاء ظاهره، ولا أدل على ذلك من تأليفه "فصل المقال، فيما بين العقل والشريعة من الاتصال"، كما نبه على ذلك العلامة الجراري رحمه الله.

وكان – رحمه الله – حسن الأخلاق، جميل الخَلق والخُلق، حسن العشرة، مكرما لضيفه، لا ذكر في مجلسه إلا في العلم والثقافة، والبحث، لا محل للغيبة ولا نميمة ولا لغو، مجالسه كلها عامرة بشتى أفانين المعرفة.

كما كان – رحمه الله – كريم المائدة، بشوشا، محبا للضيوف وأهل العلم، رافعا همته في إعزاز أمة الإسلام، والنهوض بها نحو المعرفة الراقية العالية، ملفحا أفكار وأذهان تلاميذه بهذه المعاني الصائبة، رحمه الله تعالى.

والحاصل؛ فقد كان أحد الأئمة المبرزين، والفلاسفة المتعمقين، وأساطين العلم الذين يفتخر بهم المسلمون على غيرهم من الأمم، جمع بين العصرانية والدين المتين، والمرجعية إلى الكتاب والسنة، لم تجرفه تيارات الغرب فيمن جرفتهم نحو العلمانية والتهافت، كما لا يخفى في كتابات كثير من كتاب القرن الرابع عشر الذين جمعوا بين العلوم الشرعية والثقافة الغربية. ( ... يتبع)


(1) المصدر السابق.
(2) الأستاذ عبد الهادي بوطالب. المصدر السابق، ص144.
(3) عن مقال للعلامة محمد المنوني رحمه الله في رثائه، انظر "الشيخ المبدع محمد بن عبد السلام السائح"، ص101، تأليف عبد الله الجراري ..
(4) في الأصل: كثيرا. ويظهر أنه تصحيف.
(5) انظر المصدر السابق.
(6) انظر المصدر السابق.

ـ[حمزة الكتاني]ــــــــ[18 - 10 - 05, 05:52 ص]ـ
تلاميذه والآخذون عنه:

أخذ عن المترجم – رحمه الله تعالى – جمع غفير من العلماء، ويكفي أنه كان رائدا من رواد العلم في النصف الثاني من القرن الرابع عشر، فأذكر منهم:

- نجله الأستاذ المفكر حسن السائح رحمه الله.

- جدنا شيخ الإسلام محمد المنتصر بالله الكتاني.

- مؤرخ حياته العلامة الفقيه المؤرخ الأديب عبد الله الجراري.

- علامة التاريخ والبحث في المغرب محمد بن عبد الهادي المنوني.

- العلامة الفقيه المدرس المؤرخ محمد بن الفاطمي ابن الحاج السلمي.

- العلامة المفسر المشارك محمد المكي الناصري.

- مؤرخ أعلام القرن الرابع عشر عبد السلام بن عبد القادر ابن سودة.

- مؤرخ سوس، وصاعقة التاريخ محمد المختار بن علي الإلغي السوسي.
وغيرهم من الأعلام الكثر ..

ثناء العلماء عليه:

وجدت في مذكرة جدي الإمام محمد المنتصر بالله الكتاني رحمه الله تعالى، ذات الرقم 54، قوله: "وسألت شيخنا الإمام أبا عبد الله السائح"، وذلك في مسألة من مسائل الفقه الظاهري، حين كان يدرس محلى ابن حزم، والذي أتمه الجد رحمه الله قراءة دراسة وتحليل مدة من اثنتي عشرة سنة، كان يرجع فيها لشيخيه ابن عبد السلام السائح، ومحمد إبراهيم بن أحمد الكتاني رحم الله الجميع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير