لنقرع أبواب التاريخ ولنقف في محرابه لنتعرف سيرة رجل معطاء حفظ القرآن فأتقنه، وعلمه وأجاده، فكانت مدرسة الشيخ خليل هبا التي تأسست دعائمها في المساجد، وأعطى منها إجازات وصلت إلى مشارق الأرض ومغاربها.
• اسمه و كنيته و لقبه وولادته:
هو المقرئ الجامع الشيخ خليل أبو أنور ابن الشيخ المرحوم أحمد هبا.
ولد عام (1924) في حي قبر عاتكة , زقاق مسجد البزوري.
والدته السيدة مريم بنت محمد الطير , وهي من حي قبر عاتكة أيضاً.
• أولاده:
رزق الشيخ حفظه الله ثلاثة عشر ولداً؛ ثمانية ذكور , وخمسة إناث، وهم:
1 - محمد أنور.
2 - محمد منصور.
3 - محمد ياسر.
4 - محمد عاصم.
5 - محمد بسام.
6 - محمد عماد الدين.
7 - محمد حسام الدين.
8 - محمد عرفان.
وكلهم يعملون بالتجارة ومن رجال الأعمال، وفيهم الأستاذ محمد منصور , ومحمد عاصم , يقرآن حالياً مع والدهم القراءات العشر.
أما الإناث فهم خمسة:
1 - نوال: طبيبة أطفال (رحمها الله).
2 - هلال: مدرسة لمادة الرياضيات.
3 - عفاف: مدرسة لمادة الرياضيات (رحمها الله).
4 - هنا: مهندسة زراعية.
5 - مريم: مدرسة لمادة العلوم (رحمها الله).
• نشأته:
نشأ حفظه الله في بيت علم وذكر وصفاء، كيف لا، ووالده الشيخ أحمد هبا رحمه الله، وأسكنه فسيح جناته.
كان الشيخ أحمد الهبا من المتصوفة والذاكرين؛ لا يكل لسانه عن ذكر الله وقراءة كتابه، وكان يتردد على الشيخ رشيد المجلِّد، وتتلمذ له، وقبل وفاته بأيام أسند له لواء المشيخة، وألبسه الخرقة الصوفية وألبسه الجبة والعمامة، فكان مظنة الولاية وبدلاً من الأبدال فيما نحسب والله أعلم , ولم يكن للتعب ووساوس الشيطان سبيلاً لبدنه وعقله، بل كان عالي الهمة والنشاط، وهمته لا يضاهيها همة، فكانت أكتافه المركب المريح لأولاده خليل و قاسم، ليسير بهم فجر كل يوم على أصوات التكبير؛ من قبر عاتكة إلى المسجد الأموي ليشهدوا ذكر الله، وترتيل آياته.
هكذا غرسه والده في تربة صالحة قوامها حفظ القرآن ومجالسة أهله، العلماء بالله، والربانيين.
تابع الشيخ خليل مسيرة والده؛ فالتزام بمجالس القرآن والعلم والذكر، والسعي إلى أهل الله وخاصته، فكان خير خلف لخير سلف.
• الحياة العلمية للشيخ:
درس حفظه الله في المدرسة التجارية العلمية خلف البيمارستان النوري في طريق المسجد الأموي والتي كان يشرف عليها الشيخ بدر الدين الحسني والشيخ علي الدقر والشيخ هاشم الخطيب رحمهم الله تعالى، وبقي في مدرسته ست سنوات حيث تعلم فيها العلوم العربية والشرعية.
وفي السنة السابعة وضعت الحكومة الفرنسية المنهاج الفرنسي الجديد، ولكن لم يتم بها؛ حيث كان لا يحب كثير من أهل الشام هذه البرامج الجديدة التي جاءت بها فرنسا، فكانوا يعدونها كفراً؛ لأن الكفار أتوا بها، فلم يرض به الشيخ أحمد بديلاً عن الشرع والقرآن , فترك الشيخ خليل مدرسته، وتابع العمل مع والده في سوق الصوف.
أما ما يتعلق بإقباله على القرآن والقراءات فكانت الفكرة بعيدة عن خاطره كل البعد؛ ففي إحدى الليالي كان يسمر مع رفاقه ليلةً حين قدم الشيخ محمود الحبال الذي كان تلميذاً عند المحدث الأكبر فضيلة الشيخ بدر الدين الحسني رحمهما الله تعالى , فجلس معهم بكل تواضع وقال ناصحاً:
(اللعب يضيع الوقت والوقت غالي , فهلمّوا بنا نقرأ القرآن).
و ذكرهم بالحديث النبوي الشريف:
((من يرد الله به خيراً يفقّهه بالدين)) متفق عليه من حديث سيدنا معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن النبي ?.
فكان كل من الشيخ خليل والشيخ قاسم يحفظان القرآن أثناء عملهما في النهار، فلا يتكلمان ولا يكلمهما أحد، وفي الليل يقرآن ما حفظاه على الشيخ محمود الحبال، فأحب الشيخ خليل حفظ القرآن؛ لما فيه من قصص الأنبياء، وإرشادات إلهية ونصائح ربانية من رب العباد تصلح لكل زمان ومكان , فيمم وجهه شطر المساجد يتعلم في رياضها القرآن، وهكذا من آية إلى آية، ومن سورة إلى سورة، حتى أتم حفظه عن ظهر قلب، وأتقنه على خير وجه، وهو في ريعان الشباب.
¥