القفار والوديان، وسارت بفتاواه الركبان، ولقد كنت قبل ثلاث سنوات في زيارة للهند ومكثت بها فترة طويلة ولقيت فيها عدداً من علمائها وكانوا كثيري الرجوع إلى فتاوى الشيخ رحمه الله بل إن بعضهم كان حريصاً على الاتصال بالشيخ والتحدث معه، هكذا كان ابن جبرين بسلمٌ شفى النفوس، وإكليلٌ زان الرؤوس، وتواضعٌ جمٌ حير العقول، وغيث خير روى كل ما وقع عليه، وأذكر أنني زرته في بيته ذات مرة لسؤاله عن بعض المسائل فوقفت بفناء المنزل منتظراً قدومه من المسجد وكان بالقرب مني رجل مسنٌ من عوام الناس ينتظر الشيخ كذلك، ولما دخل الشيخ علينا ورأى الرجلَ هش له الشيخ وبش كعادته وصافحه بحرارة تُنبئك عن قرب الرجل من الشيخ ولما همَّ الرجل بتقبيل رأس الشيخ إذ بالشيخ يحاول هو تقبيل رأس المسن وأخذا بالتطاول أمامي في منظرٍ قل أن يتكرر ويُشاهد من غير ابن جبرين وإذ بالشيخ يفاجئ الرجل ويفجؤني معه بانحنائه وتقبيله ليد ذلك المسن، فاستل الرجل يده مسرعاً وهو يردد أنا من أُقبل يدك يا شيخ أنا من أُقبل يدك يا شيخ .. رحمة الله على ذاك التواضع.
هذا شيء يسيرٌ مما خسره العالم بوفاة هذا العلم الأمة، ولك يا قارئ الأسطر أقول: مضى ابن جبرين ونحسب أنه قدم ما يسره أن يراه في آخرته، مضى وقد أهدى للبشرية أمس ما تحتاج إليه، مضى وقد ورَّث للعالم ما ورثه من مشكاة النبوة، مضى ابن جبرين وترك العالم وقد أدى ما عليه من نصرة لدينه ونشر لعقيدته، مضى ابن جبرين وترك المسؤولية أمام علماء الأمة الأجلاء ورجالها الشرفاء، مضى ابن جبرين ليخسر العالم برحيله خسارة عظيمة ويثلم في جسده ثلمة كبيرة ولكن الله قدَّر أن الصقور في جنس الطيور هي الأقل، غفر الله لشيخنا وأسكنه فسيح الجنات وجمعه بمحمد صلى الله عليه وسلم وحزبه في جنات النعيم.
ثم أيها القارئ الكريم هلا أجبت على هذا السؤال: ماذا سيخسر العالم بوفاتك؟
http://www.lojainiat.com/index.php?action=showMaqal&id=8937
ـ[عبدالله الوشمي]ــــــــ[15 - 07 - 09, 03:10 م]ـ
زيارة الشيخ العلامة عبدالله بن جبرين قصص وجوانب من حياة الشيخ
(حلقات متعددة)
(هذه القصة كتبتها قبل ثلاثة سنوات ولم تنشر في بناء فأحببت نشرها نشراً للفائدة وللعلم)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وبعد ..
أكتب بعض الكلمات التي احتسب من الله أن تكون في ميزان الحسنات وأن نستفيد منها جميعاً ..
فهي ليست رواية كرواية مالك في ابن عثيمين لأنه شتان ما بين علمه وقلمه بعلمي وقلمي.
لكني أكتب بعض المواقف التي ربما مر على البعض أضعافها وأفضل منها ..
ولكن العيب في الكثير منا أنه لا يدوّن ولا يكتب .. ونجد العلمانيين والقصاصيين الذين حياتهم خواء .. وكتابتهم في الحضيض يكتبون وينشرون قصص هابطة ومغامرات ساقطة .. ونحن أولى منهم وأجدر بالقلم ..
لا أحب أن أطيل علي وعليكم ..
سأذكر مواقف مرت مع هذا العالم الجليل الشيخ العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين عضو الإفتاء في زيارته الأخيرة لحائل الذي والله أحبه وأحب أن أجلس معه منذ أربع عشرة سنة حينما كنا في الجامعة ورأيت هذا العالم ومواقفه الجريئة وشجاعته فضلاً عن علمه وتقواه .. وأذكر أني رأيته لأول مرة في حفل تخريج حفظة السنة في بريدة عام 1412هـ ..
المهم لا أريد أن أسرد مواقف قديمة فأنا ولله الحمد أكتب كل فترة في مذكرات خاصة بعض الأحداث والمواقف الهامة التي تمر علي حتى لا أنساها وربما تكون ذكرى جميلة إن طالت بي الحياة لي ولأبنائي ..
كنت ولله الحمد أحبذ أن أستقبل الشيخ في كل زيارة لحائل وكنت أطلب من المنسق أن يخبرني ويخبر الإخوة ولمته كثيراً في السنوات الماضية لأنه لم يخبر أحداً مما يؤدي أنه لا يخرج للمطار إلا اثنان أنا وهو فقط .. وأتذكر أني كنت أعمل في مدينة تبوك قبل عشر سنوات وعندما دعوت ُالشيخ ابن جبرين لزيارتها اتصل مدير مكتب الدعوة على كل معلمي التربية الإسلامية في المدارس وأمرهم بالحضور للمطار ولبس البشوت إحتفاءً بالشيخ .. فكنت أتمنى أن تكون حائلاً كذلك ولكن تجري الرياح بما لا تشتهي السفن ..
¥