تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الخلاصة: لهذا التعريف إن كلمة يريد تعني عموم السبب كماً؛ و أراد قصد الفعل، وشاء قصد نوع الفعل كيفاً، ويشاء تطبيق الفعل كماً وكيفاً كما شاء مع ما يتناسب مع عموم السبب، فكلمة) يريد, أراد, شاء, يشاء (تقع في الفعل الواحد ولا تفصل، فالإرادة تؤدي إلى المشيئة و المشيئة تعود إلى الإرادة, ومصدرهما الأول يريد وما من مشيئة ألا وتسبقها إرادة فمثلاً ... مشيئة التنوع في الخلق سبقها إرادة أيجاد الخلق العمومية فجميع ما يحدث في الكيف من تنوع في الخلق فهو مشيئة وفي الكم فهو تقدير كما قال الله عز وجل {الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَّهُ شَرِيكٌ فِي الْمُلْكِ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيراً} (الفرقان: 2) فمن حيث العموم في الإيجاد يفعل ما يرد ومن حيث الكيف في الإيجاد يفعل ما يشاء، فعندما بشر زكريا بغلام وليس له أسباب الإنجاب قال عز وجل {قَالَ رَبِّ أَنَّىَ يَكُونُ لِي غُلاَمٌ وَقَدْ بَلَغَنِيَ الْكِبَرُ وَامْرَأَتِي عَاقِرٌ قَالَ كَذَلِكَ اللّهُ يَفْعَلُ مَا يَشَاء} (آل عمران:40) أي يفعل ما يشاء في الكيف بدون وجود أو عند وجود الأسباب

وقولهعز وجل {نِسَآؤُكُمْ حَرْثٌ لَّكُمْ فَأْتُواْ حَرْثَكُمْ أَنَّى شِئْتُمْ وَقَدِّمُواْ لأَنفُسِكُمْ وَاتَّقُواْ اللّهَ وَاعْلَمُواْ أَنَّكُم مُّلاَقُوهُ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} (آل عمران:40) أنى شئتم هذه إشارة إلى الكيف أي كيف شئتم وليس إلى المكان فلمكان أشار إليه بقوله نساؤكم حرث لكم

(و قس على هذه القاعدة في جميع كتاب الله العزيز فلن تجد مشيئة مفصولة عن إرادة أبداً ولن يشكل عليك تفسير آية من آيات المشيئة والإرادة).

وهذا مثال ... من واقع الحياة نبين به القاعدة، زيد من الناس رب لأسرة تتكون من ثلاث أبناء و بنتان وزيد يحتاج إلى مسكن هذا مطلب من المطالب لكل رب أسره نقول زيد (يريد) مسكن هذا السبب,

زيد يملك القدرة لتنفيذ فعل البناء ويملك الاستطاعة المواد اللازمة للبناء عند إعداد هذه المواد قصد الشروع في التنفيذ نقول زيد (أراد) بناء مسكن هذا القصد،

زيد كيّف المسكن بما يتناسب مع الأسرة خطط لبناء حجرة للبنات و حجرة للأبناء وحجرة له هو وزوجته مع حمام ومطبخ ووضع لكل حجرة مقاسها من طول وعرض نقول (شاء) زيد بناء المسكن بما يتناسب مع أفراد أسرته هذا كيف,

زيد نفذ بناء المسكن فعلاً كماً و كيفاً كما شاء نقول عمل زيد المسكن كيف (يشاء) ........

المشيئة الكيف و الكم متناسقة مع السبب لأن السبب مطلب عمومي، و المشيئة تكييف متناسق مع المطلب، و الإرادة متناسقة مع الفعل لأن الفعل قائم على استطاعة وقدرة، و النتائج متناسقة مع السبب، وبينا هذا في بحث التفريق بين الإرادة و المشيئة لمن يريد المزيد.

تطبيق هذا البحث في تفسير قول الله عز وجل {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ} (الحج: 16) قول الله عز وجل {لَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ مُّبَيِّنَاتٍ وَاللَّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ} (النور: 46) ماذا يعني بقوله عز وجل في الآيات البينات أن الله يهدي من يريد، وفي الآيات المبينات والله يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم, كيف نفسر هذه الآيات على القاعدة السابقة متى نكون نريد الهداية و متى نكون نشاء الهداية، و احبس أنفاسك من هاهنا نشأة الفِرق ومن هاهنا نقطة ضعف الأمة و ما من فرقة من الفرق اليوم على صواب في فهم الإرادة و المشيئة في هذه الآيات.

أولاً:- نبحث عن من قصد الله عز وجل بقوله {وَكَذَلِكَ أَنزَلْنَاهُ آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَأَنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يُرِيدُ} من هو الذي يريد الهداية وعنده هذا المطلب ويبحث عنه، نجد دليلين، في كتاب الله تعالى آية, و في الحديث الشريف حديث لرسول الله صلي الله عليه وسلم, بهذا المعنى تذكر ما فطر الله عليه العباد في أصل الخلقة الآية وهي قول الله عز وجل {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفاً فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لَا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللَّهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} (الروم: 30) حنيفا مائلاً إلى التوحيد و الدين فطرة الله التي فطر الناس

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير