تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

آداب المفسّر.

ـ[مهدي أبو عبد الرحمن]ــــــــ[24 - 08 - 08, 09:17 م]ـ

آدَابُ المُفَسِّرِ.

بقلم: الشيخ أبو جابر عبد الحليم توميات الجزائري.

الحمد لله، والصّلاة والسّلام على رسول الله، أمّا بعد:

فالمقصود بالمفسّر الّذي يُطالَب بهذه الآداب والشّروط هو من يفسّر القرآن ابتداءً، أو يرجّح قولا على قول من كلام المفسّرين، وثمرة معرفة هذه الشّروط والآداب أن يحسن الطّالب للتّفسير اختيار الكتب في ذلك.

وأهمّ هذه الآداب:

1 - صحّة الاعتقاد: الاعتقاد في الله، واليوم الآخر، والأنبياء، والقدر، والملائكة، والكتاب، وذلك لا بدّ منه، فإنّ القرآن وإن سلم من تحريف ألفاظه، فإنّه لم يسلم من تحريف معانيه، لذلك جاء في مسند الإمام أحمد عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: كُنَّا عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: ((فِيكُمْ مَنْ يُقَاتِلُ عَلَى تَأْوِيلِ الْقُرْآنِ، كَمَا قَاتَلَ عَلَى تَنْزِيلِهِ)) [الصّحيحة (2487)]، ولا شكّ أنّه يقصد مقاتلة أبي بكر رضي الله عنه لأهل الردّة، ومقاتلة عليّ رضي الله عنه للخوارج.

وقد حذّر الله من هؤلاء في كتابه، فقال: ((فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِه)) [آل عمران: من الآية7]، جاء في الصّحيحين عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ: تَلَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم هَذِهِ الْآيَةَ: ((هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ)) قَالَ صلى الله عليه وسلم: ((فَإِذَا رَأَيْتِ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ فَأُولَئِكِ الَّذِينَ سَمَّى اللَّهُ فَاحْذَرُوهُمْ)).

فربّما فسّر كلام الله على غير مراده، كما هو حال أهل الإلحاد، من الباطنيّة والاتّحاد، أو أهل التّأويل كالمعنزلة والأشاعرة وغيرهم.

ألا ترى كيف فسّر الباطنيّة قوله تعالى: ((وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ)) [الإسراء: من الآية23] أنّ المراد: حكم الله أنّه ما عبد أحد شيئا إلاّ وهو يعبد الله، فالمجوس لمّا عبدوا النّار ما عبدوا إلاّ الواحد القهّار، وكذلك تأويلهم لنصوص اليوم الآخر، وللأسماء والصّفات، وغير ذلك ممّا لا يُحصى.

2 - التجرّد عن الهوى: فلربّما كان على اعتقاد سليم في باب الأسماء والصّفات والإيمان باليوم الآخر وغير ذلك، ولكنّه ابتُلي بالعصبيّة للمذهب والشّيخ، أو بالضّعف أمام سلطان الجاه والمال، فتراه يحمل آيات الله على وفق مراده، فيشتري بآيات الله ثمنا قليلا. كمن أحلّ قليل الرّبا مستدلاّ بقوله تعالى: ((لاَ تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً)) [آل عمران: من الآية130].

3 - أن يفسّر القرآن بالقرآن والسنّة: فليس هناك أعلم بمراد الله تعالى من الله ورسوله، فما أطلق في موضع ربّما قيّد في موضع آخر، أو في السنّة، وكذلك ما عمّم، وما أجمل، وهذا لا شكّ أنّه يتطلّب من المرء الاعتناء بالقرآن من أوّله إلى آخره، وبالسنّة رواية ودراية.

مثال على ذلك: قوله تعالى: (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّم) [المائدة: من الآية3]، لفظان عامّان، جاء في القرآن ما يقيّد كلاّ منهما، فميتة البحر قال تعالى فيها: (أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُم) [المائدة: من الآية96]، وقيّد الدّم بقوله في سورة الأنعام: (قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) [الأنعام: من الآية145]. والسنّة خصّت من عموم القرآن كذلك، فقداروى ابن ماجه عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ-والعلماء يرجّحون وقفه ولكنّه في حكم المرفوع-: ((أُحِلَّتْ لَكُمْ مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ، فَأَمَّا

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير