تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

سبحانه بالعلم وختمها به فعلم منها أن معية الله تعالى بالعلم لا بالذات. والآية قاضية على نظائرها في الكتاب العزيز, وهو يفسر بعضه بعضا. ولكن الشيخ أبا البيض وجد إمامه الأكفر ابن العربي ومن سار على دربه ينعى على من يفسر المعية بالعلم, ويقول: هو تأويل مدفوع. والحق أن المعية بالذات, وتلقفها أبو البيض منه بقوة. وقصر نظره عليها ولج في التعصب لا سيما وقد وجدها مدرجة لوحدة الوجود لأنه إذا اعتقدها الإنسان بالذات يلزمه اعتقاد وجوده ـ تعالى وتنزه عما يقوله المبطلون ـ في كل مكان حتى فيما يحتقر كالحشوش والمزابل والمراحض ونحوها, وهذا يستلزم الحلول , وأهل الوحدة كأبي البيض لا يقولون به فيشطح بهم الخيال والضلال إلى اعتقاد أنه عين هذه الموجودات والأماكن, وهذا سر لجاج أبي البيض وغلوه في الموضوع , ورده للإجماع على المعية بالعلم الذي حكاه ابن عبد البر وابن تيمية وابن القيم لا سيما في كتابه (مختصر الصواعق) وقد كتب أبو البيض على هوامش نسخته المكية الأولى يصرح بتكذيب هؤلاء الأئمة في حكايتهم الإجماع, وهو لا يستطيع أن ينقضه بنقل واحد صحيح عن أئمة السلف. ودليله على أن المعية بالذات عموم الآيات الواردة فيها. وقوله تعالى في سورة الواقعة (فلولا إذا بلغت الحلقوم, وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه وأنتم ولكن لا تبصرن) وقد مرد وتنمر من رسالة لأبي الفتوح حول هذه الآية وسخر من عامة المفسرين , وقال كيف يفسرون تبصرون بالعلم. وقد أتي من غلبة الهوى عليه وإلا فإن البصر يطلق لغة على الإدراك. وإذا كان المعنى بصر الرؤية فالمنفي رؤية الملائكة الحاضرين لقبض الروح. كما أنه استدل بحديث ردده مرارا وفيه (لو دليتم بحبل لهبط على الله) وقد نص العلماء على ضعفه. هذا مجمل ما يتعلق بهذه البائقة

وأما مسألة التفويض فإن أبا البيض يذهب إليه , إلا أنه يضطرب في التعبير, فتارة يوهم الإثبات مع التنزيه الذي هو المذهب الصحيح, وتارة يوهم بكلامه التفويض , وهو بدعة كبرى, لأن مآلها الإيمان بصفات لا معاني لها, إن هي إلا جمل وكلمات وحروف مجردة, وأركسهم في هذا الضلال ما روي عن بعض السلف أنهم قالوا: (تمر كما جاءت, وتفسيرها قراءتها) وهؤلاء لا يعنون التفويض المطلق. وإنما مقصودهم أن لا يخوضوا في تكييف المعاني المفهومة من الكلام العربي. والقرآن نزل بلسان عربي مبين. وقد سمى الله تعالى نفسه فيه بعشرات الأسماء الحسنى, وهي أسماء ونعوت, كما وصف نفسه سبحانه بعشرات الصفات, ومعلوم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم المنزل عليه والمكلف بالبيان , وأصحابه رضي الله عنهم كانوا يعلمون بسليقتهم العربية أن معاني تلك الأسماء والصفات معلومة, وأنه يجب إثباتها لله تعالى على وجه يليق بعظمته وجلاله مع ملاحظة التنزيه عن التشبيه والتعطيل إعمالا لقوله تعالى: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وقد صح عن أم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها أنها قالت: (الاستواء معلوم والكيف مجهول) وقد رويت الكلمة نفسها مع زيادة وقصة عن الإمام مالك رضي الله عنه, وللأسف, فإن أبا البيض أعدى بهذا الجرب العقدي إخوته, ولا أعرف عن واحد منهم أنه رجع عن ذلك. ومن المستحيل إرشادهم أو نصحهم بمراجعة كتب العقيدة السلفية, سواء منها القديمة أو غيرها. وإن شئت تعكير دمهم وإثارتهم فَدُلَّهم على كتب شيخ الإسلام ابن تيمية, وصدق الله العظيم (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)

ـ[طارق الحمودي]ــــــــ[13 - 01 - 07, 01:53 م]ـ

الفصل السابع

قوله بأن فرعون مات على الإيمان, ورده على من قال بخلاف ذلك, ودفعه لآيات القرآن الواردة بذلك بالصدر

هذه المسألة من أعظم فواقر أبي البيض وبوائقه, فقد انفرد بها عياذا بالله ـ بالمغرب وبين أهله, ولم نسمع بها عن أحد قبله حتى الغلاة في التصوف الفلسفي, ولما وقفت على كلام ابن العربي فيها لم أستغربه لأن له من مثل هذه الطامة الكثير في كتابيه اللذين جمع فيهما الإلحاد من أطرافه,: الفتوحات المكية وفصوص الحكم, كتبت إلى أبي البيض اسأله عنها, وأورد اعتراضات عليها هي في الحقيقة مني إلا أني كنت أنسبها لغيري درءا لغضبه وحفاظا على الصلة بيننا, وما كنت ـ علم الله ـ أنتظر منه ذلك الجواب الطافح بالمنكر العظيم, والخطأ الجسيم, والذي تنكر فيه لآيات الذكر الحكيم, المنادية بكفر

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير