تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإذا على المسلمين أن يتقوا الله تعالى في الأول وينيبوا إليه، فإن عليهم في الأمر الآخر أن يتقوا الله في أن يتقولوا على الله ما لا يعلمون، وأن يسلموا الفقه لأهله، لأن الفقيه يجتهد في بيان أحكام الله تعالى في عباده، ويجتهد في بيان حدود الله تعالى ومحارمه. وإذا كان يجب في المتحدث باسم وجيه من وجهاء الناس، أو ملك، أو رئيس أن يكون أمينا دقيقا حريصا واعيا حذرا فضلا عن أهليته ابتداء، فإنه بلا ريب يجب أن يكون أشد في هذا كله حين يكون متحدثا عن رب العرش العظيم.

كتبة أبو بكر البغدادي

ـ[أبو بكر البغدادي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 09:03 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

العنف ... هل هو الحل

يشعر الكثير من المسلمين بالغبن والظلم الموجه ضدهم من العالم المتحضر. ولا شك إن الإعلام العربي والعالمي لم يقصر في إذاعة وإشاعة بواعث هذا الشعور وأسبابه وأدلته وحوادثه حتى باتت معروفة للعرب والعجم، القاصي منهم والداني، الأمي منهم والمتعلم، والحاضر منهم والبادي، بل حتى الطرشان قد سئموا من الضجيج.

المثقفون العرب يفصلون في بيان الخطط المرسومة ضد الإسلام والمسلمين، أو ضد العروبة والعرب، ويجتهدون في استلال الوثائق السرية والعلنية، والاستنباط الذكي والاستنتاج الخفي من ألفاظ وأقوال صانعي القرار والسياسة العالمية.

أما عامة الجمهور فهم يجتهدون في الثورة والغضب ولكن بلا حول ولا قوة. وهنا ينقطع التناغم فتعظم الحسرة ويدب اليأس، فيولد (العنف).

وهنا لا بد من السؤال: هل العنف حل إسلامي؟ بل هل هو جائز شرعا؟ وإذا لم يكن كذلك فما هو الحل الشرعي إذن؟

ولنبدأ من الآخر، فنقول: الحل أعطاه الله بأيدينا. فالمشكلة فينا نحن قبل أن تكون في الأمريكان واليهود وإبليس وغيرهم من الكفار. فمن لم يحرص على مصلحة نفسه لا ينتظر أن يحرص عليها له غيره، فضلا عن عدوه. ومن وقع بنفسه في الخطأ فليس من العقل أن ينتظر أن يصلحه له عدوه إن لم يحسب أنه يخطط للإيقاع به، كما أن من وقع في الذنب لا ينبغي له أن يلوم إبليس، وأن من حسبها كذلك كان من أضل الناس.

في عالمنا الصغير ذي الموارد المحدودة المتناقصة يعيش أكثر من خمسة مليارات إنسان ينتسبون إلى عقائد متخالفة مشتركين في تلك الموارد. وإذا علمنا أن التنافس في الحصول على تلك الموارد هو من فطرة الناس، فإن من الطبيعي أن يفوز المنافس الأقوى بالحصة الأكبر. ولا شك أن هذا لا يزعل أحدا، لا سيما إذا كانت عقائد المتنافسين مختلفة.

المشكلة أن أكثر المسلمين في عصرنا يلومون الأعداء قبل لوم أنفسهم، ترى هذا واضح في الإعلام وتراه، مع الأسف، على منابر الجمعة.

لماذا لا نقرأ القرآن بتدبر، ألم يقل الله تعالى (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)، ولا أعتقد أن هناك من يتسائل عن الحاجة إلى التغيير، فإننا في الحقيقة بحاجة إلى التغيير في كل شيء.

لا بد ابتداءا أن نغير فهمنا للدين. فالكثير يظن أن الدين الحقيقي المطلوب شرعا هو شعائر العبادات وأن المماراسات الحياتية الأخرى أمر آخر. وهذا في الحقيقة هو عين فكرة فصل الدين عن الحياة (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم)، (أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس)، (إنما يستجيب الذين يسمعون والموتى يبعثهم الله).

إن ربط تفاصيل الحياة بالله هو أصل الفهم الصحيح للدين. لأن في ذلك تذكير لفضل الله تعالى على الناس في خلقهم ورزقهم وحركتهم وقيامهم وقعودهم ولبسهم وسكنهم وكل ما أنعم عليهم (والله أخرجكم من بطون أمهاتكم ... كذلك يتم نعمته عليكم لعلكم تسلمون) (تذكر الآيات جميعا)

كما أن هذا الربط يجعل المسلم جادا في سلوكه مستحضرا الله تعالى في تفاصيل هذا السلوك.

إن الإسلام يوجه المسلم لسلوك رباني في تفاصيل حياته، فلا بد أن يكون سلوكه نافعا له أو لغيره (خير الناس من نفع الناس) (من فرج عن مسلم كربه فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة).

ولا بد أن يكون جادا هماما فيما يتبين له نفع ذلك السلوك (فإذا عزمت فتوكل على الله).

كما حرض على إتمام ما ابتدأ به على وجه الإتقان (رحم الله امرء عمل عملا فأتقنه)

وحرص أيضا على الوقت، فلا يفرط فيه بالعبث، بل لا بد أن يكون منتجا (نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ).

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير