تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[أبو بكر البغدادي]ــــــــ[24 - 01 - 06, 09:15 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

خلاص الأمة

يوما بعد يوم يدرك المسلمون قبل غيرهم عجزهم عن مواجهة العالم العلماني (المتمدن)، فالسقوط المتسارع لبغداد، حاضرة الدنيا قبل بضع قرون، وذبح أطفال فلسطين على مرأى أمهاتهم وشهود آبائهم ونظر وسمع كل قادة القوات المسلحة الإسلامية من المتوشحين لأوسمة شجاعة لا تتسع لها صدورهم، وقل مثل ذلك في الشيشان، وأشنع منه في البوسنة، وأفضع منه في كشمير والنيبال والفلبين والصين وغير ذلك من البقاع التي يوجد فيها هؤلاء (الإرهابيون) من الأطفال والرضع والنساء والشيوخ والشباب الذين يبحثون عن مكان لهم في أرضهم أرض الأجداد فلا يجدون إلا الموت أو الضياع، كل ذلك يصرخ بتلك الحقيقة. ويجري ذلك كله أمام كاميرات السي أن أن والجزيرة وغيرها مدعومة بأحدث ما وصلت إليه تكنولوجيا المعلومات والملتي ميديا لنقل الحدث بالصوت والصورة ثانية بثانية لتوعية الرأي العام العالمي (المسكين الآخر).

يتهالك المسلم في فلسطين اليوم على البحث عن ورقة مختومة بختم الانتداب البريطاني ليقدمها للشرعية الدولية ليثبت لها ملكية أرضه وزرعه، والمسكين لا يدري أنها تتضوع عطشا لشرب دمه، وإضافته للحساب، ولا يدري أيضا أن الختم الذي يحمله هو ختم مزور، وأن الختم الحقيقي يجب أن يتضمن نجمة سداسية.

لا شك أن تلك الصورة التي قدمت هي جزء من صورة واقعية حقيقة، بل هي تعجز عن التعبير عن الحقيقة الأكثر بشاعة. ولا شك أيضا أنها تدعو إلى الحزن والأسى وبذل الدموع، وتدعو أيضا إلى الرجوع إلى الله تعالى والتضرع إليه تعالى لنصرة المساكين المظلومين. وتدعو أيضا إلى التمسك بالتوسل بالشرعية الدولية وإثبات الحقوق الشرعية، حتى مع التيقن بأنها لا تجدي لأن الغريق يتعلق بقشة، ولأنه طبعا (فيك الخصام وأنت الخصم والحكم).

• أقول: كفى دمعا، وكفى أسى، وكفى جهلا بقوانين (اللعبة). ألم تعلم بعد أن الأسد هو ملك الغاب.

قال تعالى (إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون وترجون من الله ما لا يرجون). إن هذه الآية بينت سنة من سنن الله هي من أعظم أسباب النصر لو كانت تعقل كما يجب أن تعقل.

لقد تضمنت الآية أن الناس جميعا متساوون في سننه الكونية وأنهم يتألمون إذا أصابهم الأذى ويتنعمون إذا نالهم السعد، مؤمنين كانوا أم كفارا، وأنهم إن كانوا أقوى من أعدائهم غلبوا، وأنهم إذا أكلوا شبعوا وإن لم يأكلوا جاعوا، وأنهم إذا علموا ارتفعوا وإن جهلوا سفلوا، وأنهم إذا عدلوا سادوا وإن ظلموا ضاعوا، وغير ذلك من السنن الربانية الكونية مما يتساوى به المؤمن والكافر (كل نمد هؤلاء وهؤلاء من عطاء ربك، وما كان عطاء ربك محضورا).

• وهناك عظيمة غائبة أخرى في التفكير الإسلامي المعاصر، ألا وهي النظر بميزان الآخرة، ولذا نجد أن الله تعالى يخاطب المؤمنين بهذا المقياس، لا سيما في الملمات، كما في الآية السابقة، ومنها قي قوله تعالى (ولا تهنوا ولا تحزنوا وأنتم الأعلون إن كنتم مؤمنين) فجعل الإيمان وما يجازى بهم المؤمنون في الآخرة تسلية للمؤمنين فيما يصيبهم في الدنيا من الضعف والهوان، ويشهد لذلك أيضا قوله تعالى (قل هل تربصون بنا إلا إحدى الحسنين) الشهادة أو النصر، وغير ذلك من الآيات التي تكشف أن حقيقة الإيمان تلزم شهود الآخرة فيما يبتلي به المؤمن في الدنيا من الأذى والظلم، وغير ذلك.

إن هذا الأصل يحفظ المؤمن من عقدة اليأس لأن نظره أبعد من الدنيا، وإن كان حريصا عليها، فإن هذا الحرص منضبط ومرتبط بالآخرة، ولأنه إن خسر الدنيا فإنه لم يخسر الآخرة، وأنه (وما الحياة الدنيا في الآخرة إلا متاع). وفي هذا الباب يقول تعالى (لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذى كثيرا، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور)، فأمر بالصبر على الأذى مطلقا، بل أكد ذلك الصبر بأن جعله من عزم الأمور.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير