تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

• لا شك إن من أهم مقومات صلاح هذه الأمة بل أهمها على الإطلاق هو صلاح علماءها، وإن فسادها بفسادهم كما قال صلى الله عليه سلم: " وأخوف ما أخاف على أمتي الأئمة المضلين" (رواه أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجة عن ثوبان على شرط مسلم وهو في الصحيحة للألباني برقم 1683).

• إن هذا الإرتباط ارتباط فطري مباشر لأن حاجة الفرد والأمة الى العلم والمعرفة كحاجتها الى الطعام والشراب مع فارق أن الأخير معروف مدرك بتفاصيله من قبل عوام الناس بخلاف العلم الذي لايصل إليه العوام مع حاجتهم إليه إلا عن طريق الخواص وهم العلماء ومن قعد مقعدهم.

• ومع إن العوام لايدركون كثيرا من مداخل ومخارج الأحكام الشرعية وتفصيلاتها فإنهم على كل حال هم مادة الإسلام: ففيهم تبذل الدعوة والنصيحة والبيان فيخرج منهم العلماء والدعاة، وفيهم تقدر المصالح والمفاسد، وبهم يعرف العرف، وبهم يقاتل أعداء الله فهم قوة الإسلام وشوكته. وبالتالي فإن مراعاة العوام في كثير من الأحكام أمر شرعي متحتم، لايصلح فيها قصر النظر على مجرد المفرادات والجزئيات العلمية الشرعية المعروفة. وإن التفاعل الصحيح بين العلماء والعوام يعد الخطوة الأولى الصحيحة لبناء المجتمع الإسلامي المنشود.

• ويمكن تصنيف العلماء من جهة اعتبار العوام لهم الى ثلاثة أصناف:

• الأول: هو عالم على وجه الحقيقة وعند العوام.

• الثاني: هو غير عالم على وجه الحقيقة ولكنه عالم عند العوام.

• الثالث: هو عالم على وجه الحقيقة ولكنه غير معتبر عند العوام.

• ولاشك أن هذه الأصناف الثلاثة موجودة جميعا في واقعنا المعاصر بدرجات متفاوته وأحسب أن أخطرها وأدقها هو الصنف الثاني الذي حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم وخاف على أمته منه.

• وأزاء مثل هذا الواقع المفروض على الأمة بأسباب مختلفة سواء كانت سياسية أو تأريخية أو مرسومة من قبل أعداء الدين أو غير ذلك، فإنه لابد من وجود تفاعل إيجابي بين الأمة وأصناف العلماء.

• أما الصنف الأول فإنهم خيار الأمة وصفوتها وصمام الأمان فيها، على قلتهم، ولا شك أن مهمتهم في نصح الأمة وتوجيهها عظيمة وشاقة. وهنا لابد من استذكار بعض أوجه التفاعل الإيجابي بينهم وبين الأمة:

• 1 - الدعوة والبيان والإرشاد هي أعظم المهمات على الإطلاق إذ هي سبب إرسال الرسل، والأدلة في ذلك أكثر من أن تحصر، ولكن من المناسب هنا أن نذكر منها ما يبين دقة هذه المهمة وهو ما رواه مسلم عن أبي رفاعة قال انتهيت الى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب قال فقلت يا رسول الله رجل غريب جاء يسأل عن دينه لايدري ما دينه قال فأقبل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وترك خطبته حتى انتهى إلي فأتي بكرسي حسبت قوائمه حديدا قال فقعد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعل يعلمني مما علمه الله ثم أتى خطبته فأتم آخرها. (رواه مسلم والنسائي وأحمد)

• 2 - التفاعل مع القضايا الراهنة وبيانها وتفصيلها ورد الشبهات فيها بما يناسب الحال والمصلحة الراجحة مع وجوب إظهار القوة والحزم والوضوح في محصلة التوجيه اللازم للأمة. وهذه مهمة عظيمة لا يمكن إغفالها أو تأخيرها عن وقت الحاجة إليها، إذ التقصير في ذلك سبب خطير في ظهور الصنف الثاني من العلماء.

• 3 - نصح من ولي أمر المسلمين في بلاد المسلمين فيما يجب عليهم من الأحكام الشرعية مع اعتبار الموازنة الشرعية في احتمال المفسدة الأدنى لتفويت المفسدة الأعظم.

• وفي الجهة ألمقابلة يجب على الأمة طاعة هؤلاء العلماء لاسيما فيما يتعلق بالمصالح العامة، وإن ظن البعض خطأ التوجيه أو الفتوى فلا بد من الصبر على ذلك، فإن المصالح العامة لايمكن أن يبت فيها ويصدرها شرعا إلا هؤلاء العلماء المعتبرون شرعا وعرفا. كما إن مخالفتهم في ذلك بدون بديل شرعي معتبر يعد فتنة وفسادا.

• أما الصنف الثاني من العلماء فإنهم وإن سموا "علماء" عند العوام فإن الشارع أشار إليهم باسم "الأئمة والرؤس" وإنما عددناهم "علماء" للبيان ورفع اللبس كما في حديث"أول من تسعر بهم النار عالم ومتصدق وشهيد".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير