تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فأتمر الصحابة أمر النبي e ، فبلغوا القرآن والحديث على أنهما الدين الذي جاء به محمد e .

بل كان الصحابة يتطلبون سنة رسول الله e بعد وفاته، فإذا بلغهم الحديث عن صحابي آخر عن النبي e لم يترددوا في قبوله، وهذه كانت عادة الخلفاء الراشدين، فأبو بكر كان يحكم بكتاب الله، فإن لم يجد فبسنة رسول الله e ، فإن لم يجد سأل الصحابة إن كان عند أحد منهم حديث عن رسول الله e في القضية، فإن وجد ذلك حكم به، وكذلك عمر، وعثمان، وعلي، فإن لم يجدوا سنة عندهم، أو عند غيرهم من الصحابة اجتهدوا رأيهم.

وكان عمر لا يورّث المرأة من دية زوجها، ثمّ ورّثها لرواية الضحاك بن سفيان عن النبي e توريثها ().

وانظر قصة أبي موسى الأشعري مع عمر في الاستئذان حيث لم يقل عمر: ما سمعنا من رسول الله e أيام حياته أخذنا به، وما بلغنا عنه بعد وفاته لا يلزمنا، لأنه يعلم أن ذلك ينافي الإيمان برسالة محمد e .

وانظر إلى ابن عمر إذ تروي له عائشة حديثا عن النبي e بعد وفاته فيأخذ به.

((فإذا كان حكم الآيات القرآنية لا يختص بزمن ولا بأشخاص معدودين، فكذلك السنة، إذ لا فرق بين أحكام الكتاب وأحكام السنة لصدورهما من مصدر واحد .. ، ولأن رسالته عامة شاملة للخلق أجمعين، فيجب ضرورة أن تكون سنته كذلك، لعدم الخلف بين أحكامها وأحكام القرآن، ومن ثم لا فرق في تطبيق الأحكام الثابتة بالكتاب والسنة بين من شاهد التنزيل وعاصره وبين من ولد في عصر الذرة وآمن برسالة محمد عليه الصلاة والسلام تصديقاً بخبر الله)) ().

الشبهة الثامنة.

يقول الحافظ أسلم: ((إن الأحاديث انتقدت علمياً ما أفقدها صفة التدين؛ لأن الأمور الدينية لا يدخلها النقد وآراء الرجال)) () إلى أن قال: ((الاعتراضات الموجهة للإسلام من غير أهله لا تأتي إلا عن طريق الأحاديث التي أقر المسلمون بصحتها وهي موضوعة الأصل لا صلة لها بالدين)) ().

ويؤكد محب الحق هذا المعنى فيقول: ((يجب نبذ تلك الأحاديث التي توصل الإسلام إلى بوتقة الهدف والاتهام؛ لأن نبي الإسلام بريء منها)) ().

الرد:

لا يخفى أن النفيس من كل شيء يُتَغالى في الحصول عليه، وتبذل الأموال والنفوس لاقتنائه، فللقيمة العالية للحديث النبوي أراد كل صاحب هوى أن يتقوى به، وتبارت الطوائف في إيجاد سند لها منه حتى تنفق بضاعتها ويسمع قولها.

لكن هل معنى ذلك أن ما راموه تحقق لهم وأنهم ظفروا بمطلوبهم؟ كلا، فلقد قيض الله للذود عن حياض السنة رجالا اصطنعهم لنفسه، وأمدهم بروح منه، وأراد إكرامهم وإعلاء درجاتهم بذلك الجهاد، فنقدوا الزيف والبهرج حتى مازوه، وبقي المحض النقي فحرزوه واحتازوه.

والذي يقول: لا نقبل الحديث؛ لأنه وجه النقد إلى بعض المنسوب إليه.

نقول له: إنك في تعاملك الدنيوي تقبل أشياء يكثر الغش والتزييف فيها وتعدها ضرورية للحياة، وأنه يمكن تمييز جيدها من رديئها فلا ترفض رفضا كلياً، ولم يزل الناس يهتدون إلى الجيد منها بوسائل يسخرها الله لهم، ولم يتكفل الله بحفظها كما تكفل بحفظ الوحي، فلا تجعل يا منكر السنة الحديث النبوي أدنى مرتبة من هذه المرغوبات الدنيوية.

و ((لا يكاد يدخل الضرر إلا على من لا يرجع إلى أهل الخبرة من جاهل ومقصر ومن لا يبالي ما أخذ، والمؤمن يعلم أن هذه ثمرة عناية الله عز وجل بعباده في دنياهم، فما الظن بعنايته بدينهم؟ لا بد أن تكون أتم وأبلغ)) ().

فهرس المصادر

- آداب البحث والمناظرة.

لمحمد الأمين الشنقيطي، مكتبة ابن تيمية بالقاهرة، دون تاريخ.

- أثر الفكر الغربي في انحراف المجتمع المسلم بشبه القارة الهندية.

خادم حسين إلهي بخش، دار حراء، مكة المكرمة، ط1، 1408 هـ.

- الأنوار الكاشفة لما في كتاب " أضواء على السنة " من الزلل والتضليل والمجازفة.

لعبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني، عالم الكتب، 1403 هـ.

- الإبانة عن شريعة الفرقة الناجية.

لابن بطة العكبري، دار الراية، ط 2، 1415 هـ.

- الإحكام في أصول الأحكام.

لابن حزم، دار الآفاق الجديدة، بيروت، ط2، 1403 هـ.

- إعلام الموقعين عن رب العالمين.

ابن قيم الجوزية، تعليق: طه عبد الرؤوف سعد، مكتبة الحاج عبد السلام بن شقرون، 1388 هـ.

- الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير