[الجامع لأحكام الصيام]
ـ[الاستاذ]ــــــــ[21 - 04 - 06, 07:32 م]ـ
[الجامع لأحكام الصيام]
لأبي إياس محمود بن عبد اللطيف بن محمود (عويضة)
الطبعة الأولى 2002 م
الطبعة الثانية 2005م
الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين، والصلاة والسلام على رسول الله المبعوث رحمةً للعالمين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين وسلَّم تسليماً كثيراً.
أما بعد، فهذا كتابٌ في أحكام الصيام سميته [الجامع لأحكام الصيام] وقد صدر عقب صدور [الجامع لأحكام الصلاة]، وقد نهجت فيه المنهاجَ نفسَه الذي سرت عليه في [الجامع لأحكام الصلاة] قاصداً أن أُقدِّم مثالاً آخر لما أراه النموذجَ الأصح لكتابة الفقه، وبذلك يكون بين أيدي القراء الكرام كتابان جامعان يمثِّلان هذا النموذج.
هذا هو القصد من إصدار هذين الكتابين وإني لأرى أن إِصدار مثالين كبيرين يكفي لتوضيح النموذج الذي أدعو الفقهاء والمجتهدين إلى أخذه والكتابة بمقتضاه، فأنا لم يخطر ببالي أن أضع بين أيدي القراء الكرام سلسلةً كاملةً للفقه الإسلامي، وإنما أردت فقط وضع المثال والنموذج الأصح فحسب، وإِن كتابين كبيرين يكفيان لتحقيق هذا الغرض المرجوِّ، إلا أن يقضي الله أمراً آخر فأُضيف إليهما كتاباً ثالثاً.
إن هذا النموذج لكتابة الفقه يتحقق فيه ما يلي:
1 - استعراضُ جميع النصوص من القرآن الكريم والسنة الشريفة ذات العلاقةِ عند كل مسألة تُبحثُ من مسائل الفقه، وعدمُ الاقتصار على قسم من النصوص يراه الفقيه غالباً دليلاً كافياً على رأيه، وداعماً لاجتهاده، وترك ما سواه.
2 - الاستدلالُ بالأحاديث الصحيحة وبالحسنة فقط، وترك ما سواها من أحاديثَ ضعيفةٍ على اختلاف أنواعها، وأعني بالضعيفة ما اتفق المحدِّثون على ضعفها، فهذه الأحاديثُ لا يحلُّ الأخذ بها في الأحكام الشرعية، ولا حتى في فضائل الأعمال. أما الأحاديث التي اختلف المحدِّثون بشأنها من حيث التضعيف والتحسين، فإِنها إن كانت موافِقةً للأحاديث الصحيحة والحسنة، أو انفردَتْ في بابها قُبلت، أما ما خالف منها الأحاديث الصحيحة أو الحسنة، أولم تنفرد في بابها فإِنها تُردُّ وتُترك.
3 - استعراضُ آراء الفقهاء والعلماء والأئمة في كل مسألة من المسائل بقدر المستطاع، فهذا الاستعراض يُثْري البحث، ويَهَبُه قوة، وبه تظهر قوة الأحكام المستنبطة عند مقارنتها بالأحكام الأخرى، حالها كحال حباتِ لؤلؤٍ طبيعية تُعرض إلى جانب حبَّاتٍ صناعية، فتظهر جودتها وجمالها وتفوُّقها.
4 - إِعمالُ جميعِ النصوص المتعلقة بكل مسألة من المسائل، وعدم إهمال أيٍّ منها، لأن واقع النصوص أنها غير متعارضة في الأصل، فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدر عنه أحاديثُ متعارضة قطعاً، اللهم إلا في حالة النسخ فقط، وهي حالة قليلة نادرة.
أما ما نراه من أحاديث متعارضة في كل مسألة من مسائل الفقه تقريباً فهو راجع إلى سند هذه الأحاديث، مما يتوجب علينا الوقوفُ عليه وبيانُه، وإِبعادُ الأحاديث الضعيفة والواهية، ومن باب أولى الأحاديث الموضوعة والتي لا أصل لها، التي شاعت في كتب الفقه، وكتب أصول الفقه، وفصلُها عن الأحاديث الصحيحة والحسنة.
5 - استنطاقُ النصوصِ، واستنباطُ الأحكامِ منها، إِنما يتم بطرقٍ ثلاثٍ: إما بمقابلة نصٍّ بنصٍّ آخر، أي بتفسير نصٍّ بنصٍّ ثان، وهو الأقوى في الاستنباط، وإما بتفسير النص واستنطاقه بموجب المعارف الشرعية، وإما بتفسير النصِّ بموجب المعارف اللغوية الثابتة المشهورة دون الضعيفة منها والشاذة. فالنص يُؤْخذ معناه، إما بمقابلته مع نصٍّ آخر، وإما بتفسيره بحسب المعارف الشرعية، وإما بإخضاعه للمعارف اللغوية الثابتة فحسب. أما التأويلات البعيدة، والتفسيرات المتعسِّفة، وإخضاعُ النصوص ولَيُّها حتى تتوافق مع رأي الإمام أو المذهب، فيجب أن تُستبعَد تماماً من الأبحاث الفقهية إكراماً للفقه وللشرع، وصوناً لهما من الدخيل والتسريبات الغريبة التي طالما رأيناها بكثرةٍ في كتب الفقه، وخاصة تلك المؤلفة في عصرنا الراهن!
¥