تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

هكذا اقتحم خير الدين الزِّرِكْلِيّ لجة بحر لا ساحل () له ليصارع أمواجه المتلاطمة أكثر من ستين عاما () ويُخرج للمكتبة العربية أهم مرجع حديث لتراجم الأَعلام القدماء والمعاصرين، قَلَّ أن يوجد له نظير، بما اتسم به من دقة، ومنهجية وموضوعية، وتحرٍّ للإنصاف ... إنه كتاب " الأَعلام " الذي وصفه مؤلفه فقال: " قاموس تراجم لأشهر الرجال والنساء من العرب والمستعربين والمستشرقين ".

بدأ خير الدين الزِّرِكْلِيّ جمع مادة كتابه " الأعلام " التاسعة عشرة من عمره (سنة 1330 هـ / 1912 م) () وكانت نيته أن يكون معجما مدرسيا كأحد معاجم اللغة () لكن المجال اتسع وخطة العمل تغيرت () ليخرج في طبعته الأولى سنة 1347 هـ / 1927 في ثلاثة أجزاء ().

وقد لقي الكتاب عند صدوره ما لقي من ترحيب ونقد وتعقيب، وسانده أعلام عصره وأمدوه بما لديهم من معلومات وملاحظات ومؤلفات ()، وقد انتفع الزِّرِكْلِيّ بكل ذلك، فقضى ثلاثين عاما بعد صدور الطبعة الأولى صرف معظمها في البحث والتتبع والرحلات إلى مظان الأصول والتنقيب عن خطوط من لهم في الأعلام ذكر من مصنفيهم وعظماء آخرين () حتى أخرج الطبعة الثانية سنة 1377 هـ / 1957 في عشرة أجزاء ().

وعلى مشارف الثمانين من عمره () أصدر الزِّرِكْلِيّ طبعته الثالثة (سنة 1389 هـ / 1969 م) في 11 (أو: 12) مجلدا؛ 9 مجلدات للتراجم، والعاشر المستدرك، والجزآن الأخيران مجلد واحد سمي الحادي عشر للخطوط والصور.

وفي سنة 1396 هـ / 1976 م كان الزِّرِكْلِيّ قد أعد العدة لإعادة كاملة لتشييد نظام تأليف الكتاب فجمع عناصر كل ترجمة من: سيرة، ومؤلفات، وصور، وخط، وإضمامات، وتصويبات، وتعديلات، ومراجعات، واستدراكات () لكن المنية فاجأته، هنالك أخذ ناشر الكتاب على عاتقه تنفيذ مذكرة تركها المؤلف بالتصور النهائي للكتاب لتصدر الطبعة الرابعة سنة 1399 هـ / 1979 م، وهي الصورة الأخيرة التي انتهى إليها الكتاب، وعنها صدرت الطبعات التالية ().

"ولعل الأوضاع الحياتية التي كانت الإطار لوجود المؤلف: من شاعرية صافية، إلى مَلَكَة للتعبير النثري الجزل الدقيق المتمكن، إلى مهنة التمثيل الديبلوماسي الأرقى لدولة عربية كبيرة وما تشمله هذه المهنة من إتاحة تنقلات في بلدان العالم العربي والغربي، ولقاءات لأدبائها وبارزيها، وذوي القدرة والخبرة في إدارتها وحقائقها، واطلاع على كنوزها العلمية في متاحفها، ومكتباتها العامة والخاصة، لعل كل ذلك كان الأساس الفريد الذي جعل " الأعلام " نتاج سلسلة من العوامل الموافقة التي أتيحت للمؤلف، مع رفده لها باهتمام ودأب على التقصي والضبط والإتقان بين المراجع المطبوعة والمخطوطة مما أدى بجماعه إلى كتاب الأعلام " ().

تضمن " الأعلام " للزِّرِكْلِيّ التعريف بالبارزين في العصور العربية السابقة والمعاصرين من العرب وجملة من المستشرقين الذين عُنوا بالعربية وآدابها، مع بعض البسط في تراجم المعاصرين لعدم وجودها فيما خلا من مصادر، مع إيراد المعلومات الرئيسية وذات الدلالة في حياتهم.

وقد حرص الزِّرِكْلِيّ على ضبط أسماء الأعلام ضبطا دقيقا ()، كما حرص على تحرير ما يدون من معلومات، وهو يصف ما لقي في سبيل ذلك بقوله: " ... وكان جهدي في ما رجعت إليه من المطبوعات والمخطوطات وركام التعارضات لتصنيفه يحكي أحيانا جهد من حاول استخراج معلوم من مجهول " ().

وقد رتب أسماء أعلام العرب ترتيبا هجائيا () لاسم الشخص واسم أبيه ثم رتب من اشتركوا في الاسم واسم الأب طبقا لتاريخ الوفاة مع استبعاد الألفاظ الآتية من الترتيب الهجائي (أبو، أم، ابن، بنت)، والعبرة في الترتيب برسم اللفظ لا بنطقه. كما رتب الأسماء الغربية طبقا للشهرة، وحرص على وضع إحالات في الألقاب والكنى والصور المختلفة للاسم الواحد لتدل على موضع بسط الاسم مع إثبات تاريخ الوفاة مع الإحالة لتسهيل الوصول.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير