تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والمقصود هنا أن يعرف مراتب الناس في العلم بالنبوة ومعرفة قدرها وتعدد الطرق في ذلك، وإن عامة الطرق التي سلكها الناس في ذلك هي طرق مفيدة نافعة، لكن تختلف مقادير فوائدها ومنافعها، وفيها مايضر من وجه كما ينفع من وجه، وفيها ما ينتفع به من كان عديم الإيمان أو ضعيف الإيمان فيحصل به له بعض الإيمان أو يقوى إيمانه، وإن كان ذلك يضر من كان قوي الإيمان ويكون رجوعه إليه ردة في حقه بمنزلة من كان معتصما بحبل قوي وعروة وثقى لا انفصام لها فاعتاض عن ذلك بحبل ضعيف يكاد ينقطع به وهذا باب يطول وصف حال الناس فيه.

وقال في موضع آخر: ولهذا كان أبو حامد مع ما يوجد في كلامه من الرد على الفلاسفة وتكفيره لهم وتعظيم النبوة وغير ذلك، ومع ما يوجد فيه أشياء صحيحة حسنة، بل عظيمة القدر نافعة، يوجد في بعض كلامه مادة فلسفية وأمور أضيفت إليه توافق أصول الفلاسفة الفاسدة المخالفة للنبوة بل المخالفة لصريح العقل حتى تكلم فيه جماعات من علماء خراسان والعراق والمغرب كرفيقه أبي إسحاق المرغيناني وأبي الوفاء ابن عقيل والقشيري والطرطوشي وابن رشد والمازري وجماعات من الأولين حتى ذكر ذلك الشيخ أبو عمرو بن الصلاح فيما جمعه من طبقات أصحاب الشافعي وقرره الشيخ أبو زكريا النووي قال في هذا الكتاب: فصل في بيان أشياء مهمة أنكرت على الإمام الغزالي في مصنفاته ولم يرتضها أهل مذهبه وغيرهم من الشذوذ في تصرفاته، منها قوله في مقدمة المنطق في أول المستصفى.

"هذه مقدمة العلوم كلها ومن لا يحيط بها فلا ثقة له بعلومه أصلا، قال الشيخ أبو عمرو: وسمعت الشيخ العماد بن يونس يحكي عن يوسف الدمشقي مدرس النظامية ببغداد، وكان من النظار المعروفين أنه كان ينكر هذا الكلام ويقول: فأبو بكر وعمر وفلان وفلان، يعني أن أولئك السادة عظمت حظوظهم من الثلج واليقين ولم يحيطوا بهذه المقدمة وأسبابها، قال الشيخ أبو عمرو: قد ذكرت بهذا ما حكى صاحب كتاب الإمتاع والمؤانسة، يعني أبا حيان التوحيدي أن الوزير ابن الفرات احتفل مجلسه ببغداد بأصناف من الفضلاء من المتكلمين وغيرهم، وفي المجلس مَتَّى الفيلسوف النصراني فقال الوزير: أريد أن ينتدب منكم إنسان لمناظرة مَتَّى في قوله: إنه لا سبيل إلى معرفة الحق من الباطل والحجة من الشبهة والشك من اليقين إلا بما حويناه من المنطق واستفدناه من واضعه على مراتبه، فانتدب له أبو سعيد السيرافي وكان فاضلا في علوم غير النجوم، وكلمه في ذلك حتى أفحمه وفضحه، قال أبو محمد: وليس هذا موضع التطويل بذكره.

قال الشيخ أبو عمرو: وغير خاف استغناء العقلاء والعلماء قبل واضع المنطق أرسطاطاليس وبعده مع معارفهم الجمة، عن تعلم المنطق وإنما المنطق عندهم بزعمهم آلة قانونية صناعية تعصم الذهن من الخطأ، وكل ذي ذهن صحيح منطقي بالطبع، قال: فكيف غفل الغزالي عن حال شيخه إمام الحرمين ومن قبله من كل إمام هو له مقدم ولمحله في تحقيق الحقائق رافع ومعظم ثم لم يرفع أحد منهم بالمنطق رأسا ولا بنى عليه في شيء من تصرفاته أسا.

ولقد أتى بخلطة المنطق بأصول الفقه بدعة عظم شؤمها على المتفقهة حتى كثر فيهم بعد ذلك المتفلسفة والله المستعان، قال ولأبي عبد الله المازري الفقيه المتكلم الأصولي -وكان إماما محققا بارعا في مذهبي مالك والأشعري وله تصاينف في فنون، منها شرح الإرشاد والبرهان لإمام الحرمين- رسالة يذكر فيها حال الغزالي وحال كتابه الإحياء أصدرها في حال حيدة الغزالي جوابا لما كوتب به من الغرب والشرق في سؤاله عن ذلك عند اختلافهم في ذلك، فذكر فيها ما اختصاره أن الغزالي كان قد خاض في علوم وصنف فيها واشتهر بالإمامة في إقليمه حتى تضاءل له المنازعون واستبحر في الفقه وفي أصول الفقه وهو بالفقه أعرف.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير