تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وكذلك قول الله عزَّ وجل: (إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ) وقوله (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ عَلَيْكُم).

ومما يدل على ذلك من السنة؛ حديث سعد مرفوعاًَ " إنَّ أعظم الناس جرماًَ من سئل عن شيء لم يحرم فحرم من أجل مسألته " متفق عليه، وهو يدل على أن الأصل في المعاملات والعقود الحل والصحة وعدم التحريم.

أما عند الظاهرية فالأصل في المعاملات التحريم ولا يباح منها إلا ما وجدت صورته في القرآن أو السنة وما عداه فهو محرم لا يجوز التعامل به، واستدلوا على ذلك بنحو قول الله عزَّ وجل: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) فقالوا: إن الله عزَّ وجل أكمل الدين فما عدا ما وجد في الكتاب والسنة فالأصل فيه التحريم لقول الله عزَّ وجل: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ).

واستدلوا أيضاًَ بقوله r في حديث عائشة: " كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل " والجواب عن مثل هذه الأدلة سهل؛ فالمراد بما جاء في حديث عائشة كل شرط ليس في حكم الله ولا في شرعه. والمعاملات التي استجدت فنقول: الأصل فيها الحل بحكم الله وشرعه، كما تقدم في أدلة الجمهور.

وأما قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ) نقول: المراد بتعدي حدود الله هو تحريم الحلال أو إباحة الحرام.

وعلى هذا نقول في الضابط الأول: الأصل في المعاملات الحل وهذا باتفاق الأئمة الأربعة وكما سلف أن بعض العلماء حكى الإجماع في ذلك.

الضابط الثاني: الأصل في الشروط في المعاملات الحل:

والخلاف في هذا الضابط كالخلاف في الذي قبله.

فجمهور أهل العلم على أن الأصل في الشروط في المعاملات الحل. فما يشترطه أحد

المتعاقدين من الشروط سواء كان شرطاًَ يقتضيه العقد أو كان شرطاًَ من مصلحه العقد أو

كان شرط وصف أو شرط منفعه – كما سيأتي في تقسيم الشروط إن شاء الله – فالأصل في ذلك الحل. ويدل لذلك قول الله عزَّ وجل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)، والأمر بإيفاء العقد يتضمن الأمر بإيفاء أصله ووصفه ومن وصفه الشرط فيه.

وأيضاًَ قول الله عزَّ وجل: (وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولاً)، وهذا يتضمن الإيفاء بالشروط.

والمراد بالشروط في العقد هو ما يشترطه أحد العاقدين مما له فيه منفعه، ومحل الشرط في العقد أنه يكون قبل العقد يعني إذا اتفق المتعاقدان على هذا الشرط كأن يشترط البائع أن ينتفع بالمبيع لمدة كذا أو أن المشتري يشترط أن يكون الثمن مؤجلاًَ .. المهم أن محل الشرط في العقد يكون قبل العقد إذا اتفقا عليه ويكون أيضاًَ في صلب العقد ويكون أيضاًَ في زمن الخيارين.

في صلب العقد كأن يقول: بعتك هذه السيارة بشرط أن أستعملها لمدة يوم أو يومين في زمن الخيارين- خيار المجلس أو خيار الشرط- كما لو باعه السيارة ثم في المجلس قال: بشرط أن أنتفع بها لمدة يوم أو يومين. وكذلك في زمن خيار الشرط يصح أن يشترط فلو باعه السيارة وقال: لي الخيار لمدة ثلاثة أيام. ثم في أثناء هذه المدة اشترط أن يستعمل هذه السيارة لمدة أسبوع أو أسبوعين. فنقول: بأن هذا صحيح.

الضابط الثالث: منع الظلم:

والظلم في اللغة: وضع الشيء في غير موضعه تعدياًَ.

وفي الشرع: هو فعل المحظور وترك المأمور.

وفعل المحظور، وكذلك ترك المأمور وضع للشيء في غير محله شرعاًَ فهو ظلم.

وهذا الضابط مما اتفق عليه بل إن الشرائع اتفقت على وجوب العدل في كل شيء فالله عز وجل أرسل الرسل وأنزل الكتاب والميزان ليقوم الناس بالقسط، والأدلة على منع الظلم كثيرة جداًَ منها قوله تعالى: (وَلا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ)، ومنها قوله تعالى: (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ).

ومنها حديث أبي بكرة أن النبي r قال: " إنَّ دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام" وهو في الصحيحين.

ومنها قول النبي r : " كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه ".

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير