وأما في الاصطلاح: فهو تأخير القبض في أحد الربويين المتحدين في علة ربا الفضل، فإذا كان عندنا ربويان اتحدا في علة ربا الفضل ولو اختلف جنسهما فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون ذلك يداًَ بيد، فمثلاًَ عندك ذهب بفضة فالجنس هنا مختلف لكنهما يتفقان في العلة فنقول: لابد أن يكون ذلك يداًَ بيد.
أيضاًَ الريالات والجنيهات المصرية هنا الجنس مختلف لكنهما يتحدان في العلة وهي الثمنية، فإنه لابد عند مبادلة أحدهما بالآخر أن يكون ذلك يداًَ بيد.
أما إذا اختلفت العلة فإننا لا نشترط التقابض، فمثلاًَ: ذهب وبر كل منهما ربوي لكنهما لا يتحدان في العلة فعلة الذهب خلاف علة البر.
وأيضاًَ الريالات والشعير كل منهما ربوي لكنهما لا يتفقان في العلة فحينئذٍِ لا نشترط التقابض، إنما نشترط التقابض إذا اتحد الربويان في علة ربا الفضل، فإذا اتحدا في علة ربا الفضل وحصل التأخير فإنه ربا نسيئة.
وأدلة تحريم الربا ظاهرة والإجماع قائم على تحريمه، بل إن الربا محرم حتى في الشرائع السابقة، فإن الله عزَّ وجل ذم اليهود بقوله سبحانه: (وَأَخْذِهِمُ الرِّبا وَقَدْ نُهُوا عَنْهُ)، ويقول الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبا أَضْعَافاً مُضَاعَفَةً)، ويقول سبحانه: (وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبا) وفي حديث جابر أن النَّبِيّ r لعن آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه.
الضابط السادس: منع الميسر:
والميسر في اللغة يطلق على معان منها: السهولة، والغنى إذا كان مأخوذاً من اليسار ويطلق أيضاً على الوجوب فيقال: يسر لي الشيء إذا وجب.
وأما في الاصطلاح: فهو كل معاملة يدخل فيها الإنسان وهو إما غانم أو غارم.
وتحريم الميسر متفق عليه، والأدلة عليه ظاهرة من القرآن والسنة والإجماع، أما القرآن فقول الله عزَّ وجل:
ومن السنة ما ثبت في صحيح البخاري أن النَّبيّ r قال: " من قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق " فكون النَّبيّ r أمره أن يتصدق كفارة لقوله هذا فهذا يدل على أنه دعا إلى محرم.
والإجماع قائم على تحريم الميسر.
ومن الأمثلة الداخلة في الميسر: بيع المجهول وأيضاً داخل في الغرر، فمثلاً: إذا بعت سيارة مجهولة بكذا وكذا فالمشتري داخل وهو إما غانم أو غارم، فإذا دفع في قيمة السيارة مثلاً عشرة آلاف ريال فإن كانت هذه القيمة التي دفعها مساوية لقيمة السيارة فهو سالم وإن كانت أقل فهو غانم وإن كانت أكثر فهو غارم.
ومن الأمثلة الداخلة تحت الميسر: إذا كان الثمن مجهولاً، يعني باع هذه السلعة بثمنٍ مجهول فالبائع يدخل في هذه المعاملة إما غانم أو غارم.
الفرق بين الميسر والغرر:
الميسر أخص من الغرر، فكل ميسر غرر وليس كل غرر ميسراً فبينهما عموم وخصوص، الغرر أعم من الميسر والميسر أخص من الغرر، فقد تكون المعاملة غرراً لكن ليس فيها ميسر، وإذا كانت ميسراً فإنها غرر.
فمثلاً: ما يتعلق بجهالة أساسات الحيطان أو جهالة ما في باطن الجبة من الحشوة ونو ذلك أو جهالة الثمر الذي لم يخلق، هذه الأشياء من الغرر لكنها ليست من الميسر فالغرر أعم من الميسر والميسر أخص.
جهالة الثمن هذا ميسر وغرر، بيع المعجوز عن تسليمه مذ ميسر وغرر لأن المشتري يدخل في هذه المعاملة وهو إما غانم أو غارم إما أن يحصله وإما ألا يحصله.
الضابط السابع: الصدق والأمانة:
والصدق في اللغة يدل على قوة في الشيء وهو مطابق الحكم للواقع.
والأمانة في اللغة: سكون القلب والوفاء والتصديق.
والمعنى الاصطلاحي لا يخرج عن المعنى اللغوي.
فالصدق في المعاملات: هو أن يطابق قول العاقد الواقع ولا يخالفه.
والأمانة في المعاملات في الاصطلاح: إتمام العقد في المعاملة والوفاء به وعدم مخالفته.
والأدلة على هذا الضابط من القرآن والسنة والإجماع.
أما القرآن فقول الله عزَّ وجل:
¥