[ما المخطوط؟ بحث لعالم المخطوطات المغربي الدكتور أحمد شوقي بنبين]
ـ[أبوعبدالرحمن الدرعمي]ــــــــ[05 - 04 - 06, 08:54 ص]ـ
ما المخطوط؟
جرت عادة الباحثين المهتمين بالمخطوطات من حيث تاريخها وفهرستها ونسخها وتوثيقها وتحقيقها وما ماثل هذه الموضوعات أن لا يتعرضوا للكلام عن كلمة مخطوط من حيث التأثيل والتأصيل اللغوي ومن حيث استعمالها لأول مرة في النصوص العربية. وقد برر هذا بعض الغربيين المختصين في هذا المجال بكون اللغة العربية ما زالت تفتقر إلى معجم تاريخي يحدد تاريخ الألفاظ ويشير إلى النصوص الأولى التي ظهر فيها اللفظ على غرار معاجم اللغات العربية.
1 - المفهوم الدلالي للفظ مخطوط
2 - بداية ظهور المصطلح
3 - ماهية المخطوط العربي الإسلامي
لا يقبلون استعمال لفظ مخطوط إلا إذا ألحق بكلمة كتاب، فيقولون الكتاب المخطوط لأنه ليس كل ما كتب باليد يعتبر بالضرورة مخطوطا. فشواهد القبور وما نقش على الأحجار وما نقر على الصخور لا يمكن اعتبارها مخطوطا. إن الكتابة باليد ليست ضرورية في ذاتها بالمفهوم الفيلولوجي (1) للمخطوط. فلنبحث الآن في مادة هذا اللفظ في اللغة مع محاولة رصد بداية تداوله وذلك باستشارة المعاجم واستقراء النصوص التي يمكنها أن تمدنا بمعلومات عن بدء استعماله. (2) ومن الطبيعي عند أهل اللغة أن يبحثوا عن جذور الكلمات في أول نص عربي تم جمعه ألا وهو القرآن الكريم: ومن يقرأ في كتاب الله يجد أن الإشارة الوحيدة لهذا الجدر هي ما جاء في قوله تعالى في سورة العنكبوت (وما كنت تتلو من قبله من كتاب ولا تخطه بيمينك، إذا لارتاب المبطلون). (3) فجاءت المادة بصيغة الفعل ولا أثر لصيغة اسم المفعول الذي هو موضوع البحث.
1 - المفهوم الدلالي للفظ مخطوط
ولن يجد المستقرئ لدواوين الشعر العربي منذ الفترة الإسلامية إلى العصور المتأخرة أثرا لكلمة مخطوط. كما تخلو معاجم العربية منها باستثناء ما جاء عنها في "أساسا البلاغة للزمخشري (تـ 538هـ) وتاج العروس للزبيدي (تـ 120هـ). جاء في الأول: "خط الكتاب يخطه، وكتاب مخطوط". وجاء في الثاني: "كتاب مخطوط أي مكتوب فيه". وتبقى العربية خلوا من هذا اللفظ حتى اختراع الطباعة التي ستحدث تحولا في الحضارة العربية، وتفرز مصطلح "مخطوطّ ما كا نليظهر لولا ظهور ما يقابله وهو كلمة "مطبوع".
ويصعب على الباحث في الوقت الراهن تحديد أول نص عربي ظهر فيه اللفظ لأن ذلك يدعو إلى استقراء شامل لكل النصوص الحديثة المتعلقة باكتشاف الطباعة. والذي لا شك فيه هو ان اللفظ مع ظهور الطباعة حجرية كانت أو سلكية. ولم يكن هذا الحدث خاصا باللغة العربية وحدها بل حدث هذا كذلك في اللغات الأخرى التي عرفت بلادها هذا الاكتشاف الجديد.
إن الباحث في لفظ مخطوط في اللغة الفرنسية ( manuscrite) يجد انه استعمل لأول مرة في أحد نصوص هذه اللغة في سنة (1594م) أي في نهاية القرن السادس عشر للميلاد. وعلى الرغم من كون اللفظ لفظا لاتينيا ( manuxcriptum) فإن الفرنسيين استعاروه من اللغة الإيطالية التي عرفت استعمال اللفظ قبل فرنسا بحكم سبقها إلى التمسك بالنهضة الحديثة (4). وقد أطلقوا على المخطوط لفظ (5) ( libri ) اللاتيني في مقابل مطبوع منذ بداية الطباعة، أما اللفظ المتداول الذي ظل طوال العصر الوسيط يطلق على الكتاب الذي لم يكن إلا مخطوطا فهو الكراس أو ( codex ) وهو لفظ لاتيني ويعني "كتاب". (6) وقبل الخوض في المفهوم الدلالي لهذا اللفظ نشير أسن الفيلولوجيين
2 - بداية ظهور المصطلح
ولن يجد المستقرئ لدواوين الشعر العربي منذ الفترة الإسلامية إلى العصور الأخيرة أثرا لكلمة مخطوط كما تخلو معاجم العربية منها باستثناء ما جاء عنها في أساس البلاغة للزمخشري (538هـ) وتاج العروس للزبيدي (1205هـ). جاء في الأول: "خط الكتاب يخطه، وكتاب مخطوط". وجاء في الثاني: "كتاب مخطوط أي مكتوب فيه". وتبقى العربية خلوا من هذا اللفظ حتى اختراع الطباعة التي ستحدث تحولا في الحضارة العربية وتفرز مصطلح "مخطوط" ما كان ليظهر لولا ظهور ما يقابله وهو كلمة "مطبوع". ويصعب على الباحث في الوقت الراهن تحديد أول نص عربي ظهر فيه اللفظ لأن ذلك يدعو إلى استقراء شامل لكل النصوص الحديثة المتعلقة باكتشاف الطباعة. والذي لا شك فيه هو أن اللفظ مع ظهور الطباعة حجرية
¥