تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

كانت أو سلكية. ولم يكن هذا الحدث خاصا باللغة العربية وحدها بل حدث هذا كذلك في اللغات الأخرى التي عرفت بلادها هذا الاكتشاف الجديد. إن الباحث في لفظ مخطوط في اللغة الفرنسية ( manuscrite ) يجد أنه استعمل لأول مرة في أحد نصوص هذه اللغة في سنة 1594م أي في نهاية القرن السادس عشر للميلاد. وعلى الرغم من كون اللفظ لفظا لاتينيا ( manuscriptum ) فإن الفرنسيين استعاروه من اللغة الإيطالية التي عرفت استعمال اللفظ قبل فرنسا بحكم سبقها إلى التمسك بالنهضة الحديثة.

أما لفظ ( manuscriptum ) اللاتيني فإنه ظهر في هذه اللغة منذ القرن الثالث الميلادي. ولم يكن يعني ما أصبح يعنيه كمقابل للمطبوع في عصر النهضة بل كان يدل على النسخة التي يخطها المؤلف بيده لا بيد غيره والتي أصبح يطلق عليها اليوم في الغرب لفظ أوتوغراف (7) ( autographe ) ونسميها نحن العرب النسخة الأصلية. والدليل على ذلك هو أن المفكر اللاتيني في القرن الأول قبل الميلاد شيشرون ( cicéron ) استعمل كلمة منوسكربتوم ( manuscriptum ) اثنتا عشرة مرة بمفهوم "أوراق خاصة" وهي أوراق خطها بيده. ولم تكن اللغة اليونانية لتختلف عن اللغة اللاتينية في هذا الاستعمال. فلفظ مخطوط اليوناني الذي ظهر في هذه اللغة في القرن الثاني قبل الميلاد كان يعني تلكم النسخة التي خطها المؤلف بيده. ولم تصبح في مقابل المطبوع إلا بعد عصر الطباعة شأن اللفظة اللاتينية. وقد أطلق على المخطوط اليوناني مصطلحات أخرى طوال العصر الوسيط.

أما العرب فقد سموا الكتاب المخطوط تسميات متعددة تختلف باختلاف العصور. فقد أطلقوا عليه في القرن الأول الهجري الرقيم، الزبور المصحف (8) (بفتح الميم)، السفر، الرسالة، الكراسة، (9) الجلد، الجزء، المجلدة، الكناش أو الكناشة، (10) الدفتر (11) وغيرها.

وقد أطلق على الكتاب في عصر التدوين والتأليف الديوان أو المدون والتأليف أو المؤلف والتصنيف أو المصنف. وابتداء من القرن الرابع للهجرة حين اكتملت النهضة العلمية والتأليفية في المجتمع العربي أصبح يطلق على مصادر (12) التراث تسميات مثل الكتب الأصول، الكتب الأمهات، الكتب الأساسية لما تحويه من أساسيات العلم، بالإضافة إلى استعمال مصطلحات مثل التقييد، الفهرسة، الكشكول، (13) وغيرهما كثير. وإن كان ظهور لفظ "مخطوط" مرتبطا بصناعة المطبوع في التراث العربي فإننا نشير أن المغاربة استعملوا عبارة "نسخة قلمية" في مقابل كتاب مطبوع قبل أن يجاوروا المشارقة في استعمال لفظ مخطوط. وهذا ما صنعه علماء الإنسانيات ( humanistes ) عندما لجأوا إلى لفظ (14) اللاتيني عوض لفظ ( codex ) طوال عصر النهضة أي إلى نهاية القرن السادس عشر للميلاد حينما اصطلحوا على لفظ ( manuscrite ) اللاتيني والذي سبق الإيطاليون إلى استعماله لنفس الغاية قبل الفرنسيين.

ومن حيث الشكل فإن المخطوط العربي استعار شكل الكوديكس اللاتيني الذي كان عموديا. (15) وهو الشكل الذي مازال يحتفظ به الكتاب حتى اليوم. ومعلوم أن الكوديكس ظهر تاريخيا في نهاية العصر القديم بعد انتقاله من الكتاب الملف أو اللفافة. وكان اللاتينيون يطلقون عليه لفظ (16) ( volumen). وبما أن هذا البحث لم يكن من شأنه الاهتمام بالجوانب العلمية والباليوغرافية والكوديكولوجية للكتاب المخطوط فإننا نرى من الواجب توضيح بعض النعوت التي ألصقت بالكتاب المخطوط في مختلف أنواع التراث خصوصا بعدما أصبح موضع دراسة المختصين من حيث علمه وتاريخه. ولا ندعي أننا سنحيط بها جميعا بل سنكتفي بالإشارة إلى بعضها في انتظار تخصيص هذا الموضوع ببحث خاص. إن أول ما يجب توضيحه في هذا المجال هو ما يسمى بالمخطوط العربي الإسلامي.

3 ماهية المخطوط العربي الإسلامي

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير