تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

في الأصل من أصحابه من قراء الكوفة والبصرة، وقالوا حكمت الرجال في دين الله،

وواليت معاوية وعمرًا وتوليتهما وقد قال تعالى:] إِنِ الحُكْمُ إِلاَّ لِلَّهِ [(الأنعام:

57) وضربت المدة بينكم وبينهم وقد قطع الله هذه الموادعة والمهادنة منذ أنزلت

براءة، وطال بينهما النزاع والخصام، حتى أغاروا على سرح المسلمين وقتلوا من

ظفروا به من أصحاب علي، فحينئذ شمر رضي الله عنه لقتالهم، وقتلهم دون

النهروان بعد الإعذار والإنذار، والتمس المخدج المنعوت في الحديث الصحيح الذي

رواه مسلم وغيره من أهل السنن فوجده علي فسر بذلك وسجد لله شكرًا على توفيقه،

وقال: لو يعلم الذين يقاتلونهم ماذا لهم على لسان محمد - صلى الله عليه وسلم-

لنكلوا عن العمل، هذا وهم أكثر الناس عبادة وصلاة وصومًا.

...

فصل

ولفظ الظلم والمعصية والفسوق والفجور والموالاة والمعاداة والركون،

والشرك، ونحو ذلك من الألفاظ الواردة في الكتاب والسنة قد يراد بها مسماها المطلق

وحقيقتها المطلقة، وقد يراد بها مطلق الحقيقة، والأول هو الأصل عند الأصوليين،

والثاني لا يحمل الكلام عليه إلا بقرينة لفظية أو معنوية، وإنما يعرف ذلك بالبيان

النبوي وتفسير السنة، قال تعالى:] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ بِلِسَانِ قَوْمِهِ

لِيُبَيِّنَ لَهُمْ [(إبراهيم: 4) الآية وقال:] وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُّوحِي

إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ * بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ

لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ [(النحل: 43 - 44)، وكذلك اسم

المؤمن والبر والتقي يراد بها عند الإطلاق والثناء غير المعنى المراد في مقام الأمر

والنهي، ألا ترى أن الزاني والسارق والشارب يدخلون في عموم قوله تعالى] يَا

أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ [(المائدة: 6) وقوله:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا

لاَ تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى [(الأحزاب: 69) الآية وقوله تعالى:] يَا أَيُّهَا

الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ [(المائدة: 106) ولا يدخلون في مثل قوله:] إِنَّمَا

المُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا [(الحجرات: 15) وقوله تعالى:

] وَالَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الصِّدِّيقُونَ [(الحديد: 19) الآية وهذا هو

الذي أوجب للسلف ترك تسمية الفاسق باسم الإيمان والبر.

وفي الحديث (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر

حين يشربها وهو مؤمن، ولا ينتهب نهبة يرفع الناس إليه أبصارهم فيها وهو

مؤمن) وقوله: (لا يؤمن من لا يأمن جاره بوائقه) [4] لكن تقي الإيمان هذا لا يدل

على كفره، بل يطلق عليه اسم الإسلام، ولا يكون كمن كفر بالله ورسله، وهذا

هو الذي فهمه السلف وقرروه في باب الرد على الخوارج والمرجئة ونحوهم من

أهل الأهواء، فافهم هذا فإنه مضلة أفهام، ومزلة أقدام.

وأما إلحاق الوعيد المرتب على بعض الذنوب والكبائر فقد يمنع منه مانع في

حق المعين كحب الله ورسوله والجهاد في سبيله ورجحان الحسنات ومغفرة الله

ورحمته وشفاعة المؤمنين والمصائب المكفرة في الدور الثلاثة، وكذلك لا يشهدون

لمعين من أهل القبلة بجنة ولا نار، وإن أطلقوا الوعيد كما أطلقه القرآن والسنة فهم

يفرقون بين العام المطلق، والخاص المقيد، وكان عبد الله (حمار) [5] يشرب

الخمر فأتي به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلعنه رجل وقال: ما أكثر

ما يؤتى به إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال النبي - صلى الله عليه

وسلم - (لا تلعنه فإنه يحب الله ورسوله) [6] مع أنه لعن الخمر وشاربها وبائعها

وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه [7].

وتأمل قصة حاطب بن أبي بلتعة وما فيها من الفوائد فإنه هاجر إلى الله

ورسوله وجاهد في سبيله، لكن حدث منه أنه كتب بسر رسول الله - صلى الله عليه

وسلم - إلى المشركين من أهل مكة يخبرهم بشأن رسول الله - صلى الله عليه

وسلم - ومسيره لجهادهم ليتخذ بذلك يدًا عندهم يحمي بها أهله وماله بمكة فنزل

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير