تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

الوحي يخبره، وكان قد أعطى الكتاب ظعينة جعلته في شعرها فأرسل رسول الله -

صلى الله عليه وسلم - عليًّا والزبير في طلب الظعينة، وأخبر أنهما يجدانها في

روضة خاخ فكان ذلك، فتهدداها حتى أخرجت الكتاب من ضفائرها فأتي به رسول

الله - صلى الله عليه وسلم - فدعا حاطب بن أبي بلتعة فقال له: ما هذا؟ فقال: يا

رسول الله إني لم أكفر بعد إيمان، ولم أفعل هذا رغبة عن الإسلام، وإنما أردت

أن تكون لي عند القوم يد أحمى بها أهلي ومالي، فقال - صلى الله عليه وسلم -

(صدقكم خلوا سبيله) واستأذن عمر في قتله، فقال: دعني أضرب عنق هذا

المنافق، فقال: (وما يدريك أن الله اطلع على أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد

غفرت لكم وأنزل الله في ذلك صدر سورة الممتحنة فقال] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ

تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ [(الممتحنة: 1) الآيات فدخل حاطب في

المخاطبة باسم الإيمان، ووصفه به، وتناوله النهي بعمومه وله خصوص

السبب الدال على إراداته مع أن في الآية الكريمة ما يشعر أن فعل حاطب نوع

موالاة، وأنه أبلغ إليهم بالمودة، وأن فاعل ذلك قد ضل سواء السبيل، لكن

قوله: (صدقكم خلوا سبيله) ظاهر في أنه لا يكفر بذلك إذا كان مؤمنًا بالله ورسوله

غير شاك ولا مرتاب وإنما فعل ذلك لغرض دنيوي، ولو كفر لما قيل (خلوا سبيله)

لا يقال قوله - صلى الله عليه وسلم - لعمر (وما يدريك لعل الله اطلع على

أهل بدر فقال: اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم) هو المانع من تكفيره؛ لأنا نقول لو

كفر لما بقي من حسناته ما يمنعه من لحاق الكفر وأحكامه فإن الكفر يهدم ما قبله لقوله

تعالى] وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ [(المائدة: 5) وقوله تعالى:

] وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [(الأنعام: 88) والكفر محبط لحسنات

والإيمان بالإجماع فلا يظن هذا.

وأما قوله:] وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ [(المائدة: 51) وقوله:] لاَ تَجِدُ

قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ [(المجادلة: 22)

وقوله تعالى:] يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِّنَ الَّذِينَ

أُوتُوا الكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [(المائدة: 57)

فقد فسرته السنة، وقيدته، وخصته بالموالاة المطلقة العامة.

وأصل الموالاة هو الحب والنصرة والصداقة، ودون ذلك مراتب متعددة

ولكل ذنب حظه وقسطه من الوعيد والذم، وهذا عند السلف الراسخين في العلم من

الصحابة والتابعين معروف في هذا الباب وغيره، وإنما أشكل الأمر، وخفيت

المعاني والتبست الأحكام على خلوف من العجم والمولدين الذين لا دراية لهم بهذا

الشأن، ولا ممارسة لهم بمعاني السنة والقرآن، ولهذا قال الحسن رضي الله عنه:

من العجمة أتوا. وقال عمرو بن العلاء لعمرو بن عبيد لما ناظره في مسألة خلود

أهل الكبائر في النار، واحتج ابن عبيد أن هذا وعد، والله لا يخلف وعده -

يشير إلى ما في القرآن من الوعيد على بعض الكبائر والذنوب بالنار والخلود -

فقال له ابن العلاء: من العجمة أتيت، هذا عيد لا عد، وأنشد قول الشاعر:

وإني وإن أوعدته أو وعدته لمخلف إيعادي ومنجز موعدي

وقال بعض الأئمة فيما نقل البخاري أو غيره: إن من سعادة الأعجمي

والأعرابي إذا أسلما أن يوفقا لصاحب سنة، وإن من شقاوتهما أن يمتحنا وييسرا

لصاحب هوى وبدعة.

ونضرب لك مثلاً هو أن رجلين تنازعا في آيات من كتاب الله أحدهما

خارجي والآخر مرجئ، وقال الخارجي: إن قوله:] إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ المُتَّقِينَ [

(المائدة: 27) دليل على حبوط أعمال العصاة والفجار وبطلانها إذ لا قائل إنهم من

عباد الله المتقين، قال المرجئ: هي في الشرك فكل من اتقى الشرك يقبل عمله

لقوله تعالى:] مَن جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا [(الأنعام: 160) قال الخارجي:

قوله تعالى:] وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَداً [(الجن:

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير